ثلاثة أبعاد لوصية المحبة التي أوصانا بها يسوع (1)

١ – نحب القريب حباً بالله

Share this Entry

” وصيتي لكم هي : أحِبُّوا بَعضُكم بَعضاً كما أحببتُوكم  “

( يوحنا ١٥ : ١٢ )

 فى خطاب السيد المسيح لتلاميذه بعد العشاء السرّي ، وهو خطاب الوداع ، كشف لتلاميذه عن تعاليمه وسلّمهم وصيته الأخيرة التي وصفها بالوصية الجديدة : ” أُعطيكم  وصيةً جديدة : أحبوا بعضُكم بعضاً . كما أنا أحبَبتُكم ، أحِبُّوا أنتم أيضاً بَعضُكم بَعضاً . إذا أحبّ بعضُكُم بعضاً عَرَف الناس جميعاً أنكُم تلاميذي ” ( يوحنا ١٣ : ٣٤ )،  وهي وصية : ” المحبة “. وختمها بالصلاة الكهنوتية وقد توجّه فيها إلى أبيه السماوي وسأله أن يوحٰد ما بين المؤمنين به قائلاً : ” ليكونوا واحداً كما نحن واحد” ( يوحنا ١٧ : ٢٢ ). 

وفيما نستعرض متأملين معاً هذه الوصية نجد أهم أسباب محبة القريب .  وهي ثلاثة : الله والمسيح والكنيسة ، نسأله تعالى أن يوطّد في قلوبنا حب بعضنا البعض ، حتى إذا أتممنا هذه الوصية نكون قد أتممنا الناموس كله ، عملاً بقول القديس بولس الرسول : ” فالمحبةُ لا تُنزِلُ بالقريب شراً ، فالمحبة إذاً كمالُ الشريعة ” ( رومة  ١٣ : ١٠ ) .

 ١ – نحب القريب حباً بالله :

يقول القديس توما الأكويني ، المعلم الملائكي ،  أن مبعث المحبة ، محبة الله ومحبة القريب ومحرّكها الأول إنما هو كمالات الله . نحن نحب الله لأجل كمالاته ، ونحب كل ما تتجلَّى فيه كمالاته . وتتجلّى كمالات الله في  مخلوقاته ، ولا سيما في الإنسان الذي جعله على صورته ومثاله وأقرب المخلوقات إليه تعالى . فعندما نحبّ الله يتوجب علينا أن نحب القريب الذي تظهر فيه كمالات الله . وقد فهم الآباء القديسون هذه الحقيقة فقالوا أنه لا يمكن الفصل بين محبة الله ومحبة القريب ، لأنهما محبّتان متلازمتان متلاصقتان . وقد يصعب علينا بسبب ضعفنا البشري أن نعرف حقيقةً إذا كنا نحب الله من كل قلبنا وعقلنا أو لا نحبه ! ولكن نسعى جاهدين للتوصل إلى محبته بالذهاب إلى اعماق قلوبنا وفحص ضميرنا سائلين انفسنا كيف نبادل محبة الله بالمحبة التي بادلنا اياها ونعمل بوصية يسوع : ” أحبب الرب إلهك من كل قلبك وكل ذهنك “. أما محبة القريب فلا مجال إلى الخطأ حولها . وهذا ما عبَّر عنه القديس أوغسطينوس عندما قال : ” إذا كنت تريد أن تعرف إذا كان فيك روح الله ، فاسأل قلبك . فإذا كنت تحب أخاك فكن في اطمئنان ، لأنه لا محبة حقيقية إذا لم تتوطّد في الله ” . ومن الطبيعي أن من لم يسعى بمحبة قريبه للوصول إلى الله ، ضلّ الطريق وأوقع نفسه في الظلمات و المهالك .  وما كان القديسون إلا أصداء للسيد المسيح الناطق بلسان يوحنا الإنجيلي  الذي اتّهم بالكذب من ادّعى أنه يُحبّ الله في حين لا يحب أخاه ولا القريب ، فعبّر عن ذلك في رسالته الأولى قائلاً :  اذا قال أحَد : ” إني أّحبُّ الله ” وهو يُبغضُ أخاه كان كاذباً ، لإن الذي لا يُحبُّ أخاه وهو يراه ، لا يستطيع أن يُحب الله وهو لا يراه . إليكُم الوصية التي أخذناها عنه : من أحبّ الله فليُحب أخاه أيضاً ” ( يوحنا الأولى ٤ : ٢٠ – ٢١ ) . ولذلك جعل السيد المسيح ” المحبة ” علامة تلاميذه الفارقة  لذلك قال : ” إذا أحبّ بعضُكُم  بعضاً عرف الناس أنكُم  تلاميذي ( يوحنا ١٣ : ٣٥ ) .

*

يتبع

Share this Entry

المطران كريكور أغسطينوس كوسا

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير