لنفكر قليلاً : أن أحب نفسي لا يعني دائماً أنني معجب(ة) بنفسي. حسناً يبدو هذا هو التطبيق العملي لفكرة : نكره الخطيئة ولا ننسى أن نحب الخاطىء. فعلى مر السنين كان لا يروق لي مطلقاً التخاذل أو الغرور أو التذمر و لكني فعلياً استمررت بمحبة نفسي رغم أني كنت في مرات كثيرة متخاذلة، مغرورة أو متذمرة!!
لا بل بالأكثر: لأني كنت أحب نفسي كنت آسف أني أقوم بتلك الفظاعات.
و بالتالي، كما يقول كليف ستيبلز لويس ، المسيحية لا تريد منا أن نخفض بمقدار ذرة واحدة من الكراهية الذي نشعر بها تجاه القسوة أوالغدر أو القتل … يجب علينا أن نكره هذه!!
لكن الرب لا يريد منا أن نكره الأشخاص المصابين بها إنما نتصرف حيالهم كما نتصرف حيال أنفسنا:أن نأسف أنهم يقومون بمثل هذه الأمور، ونتأمل إذا كان من الممكن على أي حال، بطريقة ما، في وقت ما، في مكان ما، علاجهم لنعود فنلتقي بوجه الحب في بشريتهم…
و في رحلة بحثنا عن الغفران للآخر علينا أن ندرك أنه في مكان ما بغفراننا هذا إنما نستحق العفو الذي نطلبه لأنفسنا… “إغفر لنا خطايانا كما نحن نغفر…” ألعلنا نسينا؟؟؟ نعم، للأسف!! فإن قلوبنا تجد دائما الحجج والأسباب التخفيفية لذنوبنا فيما تلعب بإمتياز دور الديّان على الآخرين بذلاتهم!!ويغيب عن بالنا أن الإنسان لا يستطيع أن يقول: “أنا أحفظ بعض الأمور التي أعتبرها مهمة في الوصايا ولا أحفظ تلك التي اعتبرها غير مهمة. ” فكل من هو في منطق البّر عليه أن يحفظ متطلباته كلها، فإذا كسر وصية واحدة فقد كسر بره كله !! أنه نظام فريد متكامل لا يحتمل الإستنساب وأي مقياس أقل من هذا المقياس، يفتقر إلى الفائدة و الشرعية.
إذا؟؟ “كلنا أخطأنا وأعوزنا مجد الله” كما يقول مار بولس و كلنا نحتاج غفران الله: و هنا الرب لا يوارب ففي شريعة المحبة لنكتسب الغفران علينا أن نسامح!!
ويكمل الرب بتوصيته أعلاه ” لأنهُ إن أحببتم الذين يحبونكم فأيُّ أجرٍ لكم… وإن سلَّمتم على إخوتكم فقط فأيَّ فضل تصنعون؟؟ ” إنه كمال الحب!!
في مثل الزؤان الذي زرعه الأعداء في حقل القمح،علّنا لا نشارك الخدم رغبتهم المتسرعة في فعل “الإقتلاع”… وعندما نشعر بنفاذ الصبر علينا أن ندرك أنه لا عدالة حقة دون طريق الحب إلالهية و أساليب كرهنا لن تؤدي إلا لمزيد من الأضرار: على ما قال غاندي أن العين بالعين تصيّر العالم كله أعمى.