كاميليا ووفاء حجة "داعش" لاراقة دماء 21 قبطياً

“هذه الدماء النجسة بعض ما ينتظركم ثأراً لكاميليا وأخواتها”، عبارة ركز عليها “داعش” في الفيديو الدموي الأخير، فأدخلت “كميليا شحاتة وأخواتها” وعلى رأسهن وفاء قسطنطين التاريخ… ذلك ان الانتقام لهن كلّف أرواح 21 قبطياً حتى الساعة، والآتي أعظم بحسب الوعيد. “الدولة الإسلامية” نصّبت نفسها “السند المتين” للمسلمين وهي تأبى أن يضطهد رعاياها من قبل “الضالين”، لذلك ستحزّ السكين رقاب كلّ من سوّلت له نفسه وعذّب “المؤمنين”، كما جاء في فصول الفيديو المرعب.

Share this Entry

الكنيسة القبطية هي “المذنبة” هذه المرة في نظر “داعش”، وبعد سنوات على قصة كاميليا ووفاء أحيا التنظيم القضية، وأمات عددًا من أبناء الطائفة القبطية، ووضع مصير من وصفهم بـ”رعايا الصليب من أتباع الكنيسة المصرية المحاربة” على حدّ السكين.
وفي العدد السابع من صحيفة “دابق” التابعة لـ”داعش”، اعتبر “التنظيم” أن “عملية أسر جنود الخلافة في ولاية طرابلس21 قبطياً مصرياً، تأتي بعد خمس سنوات على الهجوم الذي استهدف إحدى الكنائس في العاصمة العراقية”. وهو يحمّل البابا شنودة بابا الأقباط الراحل مسؤولية كل مسيحي يُقتل في أيّ مكان في العالم.
يومًا بعد يوم، يظهر “داعش” أنه لا يكتفي بفتح القبور وتكديس جثث المسلمين والمسيحيين، بل يعمل على نبش قضايا مضى عليها الزمن، فيخرجها من كهوف التاريخ ويفتح كتاب الحساب العسير، ينفّذ الأحكام بالأبرياء متناسيًا قول الله عز وجل في قرآنه الكريم (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، فتحتَ راية كاميليا ووفاء يقود التنظيم حملة قتل المسيحيين. لكن من هما هاتان الإمرأتان، وهل أشهرتا فعلاً إسلامهما، ولماذا هذا التكتّم حول قضيتهما؟

ذريعة للقتل
“ادعاء داعش احتجاز الكنيسة القبطية لكميليا ووفاء بعد أن أشهرتا إسلامهما خاطئ، فهاتان السيدتان لم تشهرا إسلامهما على الاطلاق، وانما الأمر ذريعة لقتل الاقباط على الهوية الدينية”، بحسب مستشار الكنيسة القبطية ورئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الانسان المحامي الدكتور نجيب جبرائيل في حديث لـ”النهار”، الذي أضاف “داعش امتداد للمنهج السلفي الذي لا يؤمن بالمشاركة في الوطن وقبول الآخر، بل يؤمن بأن من يخرج عن الإسلام كافر ويستحقّ القتل”.

إقرار وفاء رسمي
القصة التي نفض “داعش” الغبار عنها تعود بحسب جبرائيل الى العام 2004 و2010 حيث شرح “في عام 2004 غادرت وفاء (38 عامًا حينها) بيت زوجها الكاهن لمدة أسبوع بسبب خلاف بينهما، وقيل إنها أشهرت إسلامها. الا ان أمن الدولة المصري اعطى لوفاء مهلة سبعة ايام لتقول كلمتها، حيث انتهت بالقول سأعيش وأموت مسيحية، وهذا ثابت في محضر رسمي في نيابة عين شمس (محافظة القاهرة)، وأنا كوني محاميها ذهبت الى المحكمة والنيابة العامة، وأقررت بذلك وقد تعرّضت لمحاولة اغتيال من قبل السلفيين المتشدّدين الذين ينتمون الى داعش وتمّ حرق مكتبي وإتلاف سيارتي”.
“اليوم تعيش وفاء المهندسة الزراعية في مدينة كفر الدوار في محافظة البحيرة، حياة عادية بعد وفاة زوجها في عام 2006 بسبب مرض السكري”، يقول جبرائيل.

كاميليا لم تطأ الأزهر

“أما قصة كاميليا فتعود الى عام 2010 وكان لها من العمر 32 عاماً، وهي زوجة قسيس في محافظة المنية، ادّعى سلفيّون انها تركت المنزل وقصدت الأزهر لإشهار إسلامها، وتمّ تكذيب هذا الادعاء عندما أصدر الازهر بياناً أكد فيه أن هذه السيدة لم تطأ قدماها بابه، اليوم تعيش كميليا المعلمة في إحدى مدارس مصر حياة سعيدة مع زوجها أبونا تادروس الذي يمارس طقوسه الكنسية”، وفق جبرائيل الذي يضيف: “حين ركب الاخوان أمواج الثورة المصرية أعطيت الفرصة للسلفيين ليحيوا هذه القضية، ويصبّوا البنزين على النار، فادّعوا أن الكنيسة احتجزت السيدتين المذكورتين، وأجبرتهما على الرجوع إلى المسيحية وهذا الكلام خطأ، وأنكر الازهر ذلك وهو الجهة الوحيدة التي يُشهر فيها الإسلام”.

الأسباب الخفيّة
” في مصر يوجد دواعش وليس فقط داعش، وإعدام الاقباط هو بسبب عدائية وكراهية التنظيم للمسيحيين، وما حدث في الرقّة والموصل من قتل وهدم كنائس وسبي نساء أكبر دليل على ذلك، كذلك هدم كنيسة سيدة النجاة في بغداد، لذلك الزعم باحتجاز كميليا ووفاء هو كاذب”، ختم جبرائيل.
من جانبه اعتبر الكاتب المصري والباحث في الشؤون الإسلامية أحمد بان في اتصال مع “النهار” أن “الادعاءات التي تتحدث عن الثأر لمواطنتين أشهرتا إسلامهما، ووُضِعتا في عهدة الكنيسة، ما هي إلا محاولات من قبل داعش لتأليب مجموعات سلفية متطرّفة وضمّها إلى جناحها وساحة حربها على الدولة المصرية، من خلال ترويج صورة ان التنظيم يدافع عن المسلمات ومن دَخَل الإسلام من المسيحيين”.

سياق ملتبس
وعما إذا أشهرت كاميليا ووفاء بالفعل إسلامهما أجاب بان: “هذا السياق ملتبس، وقد حدث في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، ولم تكن المعلومات المتاحة قطعية لنتمكّن من التأكّد إن كانتا أشهرتا إسلامهما بالفعل من دون العودة إلى إيمانهما الاصلي، وإن كان تمّ اختطافهما كما تُروِّج بعض الوثائق السلفية، فالأمور متضاربة، بمعنى هل هما مسيحيتان أشهرتا إسلامهما فاحتجزتهما الكنيسة، أم أنهما تابتا فعادتا إلى المسيحية من جديد”. وأضاف ان “طريقة ادارة العلاقة مع الاقباط في عهد نظام مبارك لم تمكّن أحدًا من معرفة حقيقة ما يجري، فمقاربة العلاقة بين الكنيسة المصرية والنظام السابق كانت تمضي في سياق ملتبس أي ما بين مساحات للنفوذ يسمح كل طرف للآخر أن يدخل فيها، من دون وجود إطار قانوني صارم بين الطرفين”.

المصدر: صحيفة النهار

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير