روما، 7 ديسبمبر 2007. (Zenit.org). إنّ الحوار بين الأديان مفيد ويجب أن يتطوّر في العلاقات اليوميّة. هـذا ما قاله مدير المعهد الحبري للدراسات العربيّة والإسلامية ((PISAI، الأب ميغال أنخيل أيوسو غيكسوت، بمناسبة افتتاح السنة الجامعيّة الجديدة لكلّية العلوم الدّينية البابويّة “ماريانوم”.
بعد صلاة تضرّع للروح القدس، ترأسها الكاردينال بول بوبار، عرض أيوسو الخطوط الكبرى لوثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني “نوسترا أييتاتي” والمتعلّقة بالكنيسة وديانات هذا العالم، مشيراً بشكل خاص إلى الحوار المستقبلي مع المسلمين.
ولقد شرح الأب ميغال أنخيل أيوسو غيكسوت، المرسل الكومبوني إلى مصر والسودان في الفترة الممتدّة بين 1982 و 2002، أنّ “التعاون بين مجموعات ثقافية و دينية هو جدّ ضروري من أجل تخطّي جميع أنواع التشنّجات الاجتماعيّة والتمكّن حينئذ من العيش بأمل التعايش والسلام.”
وأضاف قائلا: “إنّ بعض أحداث الألفيّة الجديدة (أمثال 11 سبتمبر، أفغانستان، العراق، الشرق الأوسط وغيرها) جعلت معالم الكون قاتمة، الذي كان قد بدأ الكثيرون ينظرون إليه على أنّه قرية كبيرة، بفضل التقدّم البشري، ووضعته في حالة حسّاسة تتطلّب تعاوناً على جميع الأصعدة من أجل تأمين السلام العالمي.”
ولقد شدّد الأب ميغال أنخيل أيوسو غيكسوت على “أن للدين دور أساسيّ في عمليّة الاندماج، التعايش والسلام.”
بحسب مدير الـ PISAI ، “إنّ الحوار الذي جرى مع المسلمين في العقود القليلة الماضية قد أعطى نتائج لا تحصى.”
وأضاف قائلا: “في الكنيسة الكاثوليكية، إن المجمع الفاتيكاني الثاني هو الذي أعطى دفعا قويّا للحوار الإسلامي – المسيحي. عند المسلمين، تأخّرت قليلا الإجابة على متطلّبات هذا الحوار، ولكن رغم هذا التأخير فأهمّية هذه الإجابة كبيرة، على عكس ما قد يعتقده البعض.”
واستطرد أيوسو مفسّرا “إنّ تصريح ’نوسترا أييتاتي’ الذي يعتبر الرسالة الكبرى في الحوار الإسلامي-المسيحي، يشير الى الطريقة الأكثر استقامة في العلاقات بين المسلمين والمسيحيين.”
استشهد أيوسو بالأب موريس بورمانس، أستاذ في الPISAI، والمعروف بدفعه للحوار الإسلامي – المسيحي، للتأكيد “بأنّه في خضمّ كلّ التساؤلات والضياع الناتجين عن الحالة العالمية المتعلّقة بالعلاقات الإسلاميّة – الغربيّة، وفي خضمّ الارتياب والمخاوف لدى الكثير من الرجال والنساء المعتادين على الحوار، إنّه لمن الضروري – إن كان من الجهة المسيحية أو من الجهة الإسلامية – عدم فقدان الأمل واستعادة النشاط.”
أصرّ هذا الكومبوني – الإسباني أن يذكّرنا “بأنّ هذا الحوار مستمرّ، كما رأينا، رغم المصاعب والحواجز. ولقد عملت الكثير من المؤسسات المسيحية والإسلامية بجهد كبير لتعزيزه.”
لكنّه اعترف أنّه ليس بالأمرالسهل: “الكثيرون ينتقدون هذا الحوار، حتّى أنّهم يتوصّلون إلى حدّ الاعتقاد بأنّه غير نافع، وفي بعض الأحيان خطر لكلا الطرفين. في الحقيقة، إنّ الجوّ العام الحاليّ يؤمّن للجميع فرصة جيّدة لتصفية النوايا، تحسين الطرق وتكثيف النشاطات.”
وأضاف قائلا: “في هذا المجال، برزت ثلاث أفق مستقبليّة: التربية، البحث عن مبادئ مشتركة ومتشاركة، والتعاون المتبادل من أجل بناء مستقبلنا.”
وذكّر مدير الـ PISAI “بأنّه في هذا الإطار، تمّ تقبّل بتفاؤل كل من الرسالة التي وجّهها الكاردينال جان لويس توران، رئيس المجمع الفاتيكاني للحوار بين الأديان، بمناسبة انتهاء شهر رمضان المبارك ، علما أنّه كان قد أشار فيها على أهمّية التربية في ثقافة السلام، والرسالة المفتوحة التي وجّهها 138 مفكرا إسلاميا إلى بندكتس السادس عشـر وإلى سائر مسؤولي الكنائس المسيحيّة.”
“نحن بحاجة إلى قاعدة مشتركة من أجل تطوير العلاقات بين الديانات في الحياة اليوميّة، في التعاون بين الدّيانات، في التفكير المتعلق بالعلوم الدّينية، كما وفي اللقاء الروحي.”
وأشار مدير الـ PISAI الى “أنّ عصرنا، الذي يتّجه يوما بعد يوم إلى العولمة، يحتاج بسرعة قصوى إلى علاقات متناغمة تحثّ على الحرّية الدّينيّة، على التبادل الصحيح والصحّي وعلى تعزيز السّلام.”
وأنهى مداخلته قائلا: “على مجتمعنا الكونيّ أن يروّج مشروع المجتمع العلمانيّ الذي يحترم الحرّيات والمعتقدات والذي يكون له لفتة مميّزة تجاه السّلام؛ على أن يكون المشروع هذا مبنيّا على العدالة والقانون الدولي وعلى أن يحظى بتضامن المؤمنين بغية إعطاء شهادات متعالية في عالم يتميّز بالعلمنة.”
“كل هذا – تابع ايوسو مستشهداً بالبابا – يجب أن يتمّ من خلال الحوار بين الثقافات والدّيانات، بتفاؤل وأمل، إذ أنّ هذا الحوار لا يمكن أن يتقلّص ليصبح شيئا كماليّا واختياريّا؛ لا بل على العكس، إنّه ضرورة حيويّة يتوقّف عليه قسم كبير من مستقبلنا.”
إنّ “ماريانوم”، ككلّية لعلم اللاهوت يدرس فيها حصريّا رهبان “خدّام مريم” تأسّست من خلال مدرسة اللاهوت المنبثقة من مدرسة القديس أليخو فالكونييري، التي عرفت في العام 1666 باسم مدرسة “إنريكو دي غران” والتي أعيد تأسيسها بعد إلغائها عام 1895.
لكن منذ تأسيسها، وبفضل الامتياز المعطى إلى الرئيس العام في سنة 1398 من قبل البابا بونيفاسيوس التاسع ، حظيت رهبنة “خدام مريم” بحقّ توزيع الشهادات الجامعيّة.
إنّ “ماريانوم” هي كلّية العلوم الدّينيّة البابوية الوحيدة المتخصّصة بالدراسات عن مريم العذراء. وقد ساهم الأب إيغناسيو كالابويغ، مدير “ماريانوم” لمدّة اثني
عشر سنة، وثلاثة أساتذة آخرون بتقدمة مميّزة للكنيسة حين كتبوا مستندات عديدة تخصّ العقيدة، كالإرشاد الرسولي “ماريالس كولتوس” للبابا بولس السادس في العام 1974.