الفاتيكان، 25 ديسمبر 2007 (ZENIT.org). – تحدث البابا في عظته خلال قداس نصف الليلة بمناسبة عيد الميلاد عن المواقف التي يعيشها المرء نحو ميلاد الرب في التاريخ، فهناك من يرفضه ومن يعد له مكانًا، وقد أشار البابا إلى عبارة “ولفته بالأقمطة” في إنجيل لوقا تسمح لنا أن نرى “شيئًا من الفرح المقدس ومن الغيرة الصامتة المكنونة في هذا التحضير. كانت الأقمطة حاضرة، لكي يتسنى لها استقبال الطفل بشكل لائق. ولكن لم يكن هناك مكان في الضيافة”.
وأشار البابا في هذا الصدد إلى التناقض الذي تعيشه البشرية في انتظارها الله وفي انغلاقها عليه فقال: “تنتظر البشرية الله وقربه نوعًا ما. ولكن عندما يحين موعد وصوله، ليس لديها مكان لاستقباله. إنها مشغولة كثيرًا بذاتها، وتحتاج لكل الوقت ولكل المكان بطريقة متطلبة من أجل شؤونها، ولذا لا يبقى أي شيء للآخر – للقريب، للفقير ولله. وبقدر ما يصبح البشر أغنياء، بقدر ذلك يملؤون كل شيء بذواتهم. وبقدر ذلك يتعذر على الآخر الدخول”.
وقد لخص يوحنا الرفض بالقول: “جاء إلى خاصته، وخاصته لم تقبله” (1، 11).
وقد أشار الأب الأقدس أن الرفض ليس الموقف الوحيد ولا النهائي في الإنجيل. ففي الإنجيل نلتقي “بمحبة الأم مريم، وأمانة القديس يوسف، وسهر الرعاة وفرحهم العظيم”وفي هذا الصدد يقول لنا يوحنا: “أما الذين قبلوه فقد أعطاهم سلطان أن يصيروا أبناء لله” (يو 1، 12).
وتابع الأب الأقدس بالقول: “هناك من يقبله، وهكذا انطلاقًا من الاسطبل، ينمو نحو الخارج المنزل الجديد، المدينة الجديدة، العالم الجديد”.
ولخص البابا حالة الرفض والقبول بالقول: “تجعلنا رسالة الميلاد نعترف بظلام العالم المغلق، وتبين لنا بذلك واقعًا نراه يوميًا. ولكنها تقول لنا أيضًا، أن الله لا يتركنا نغلقه خارجًا. فهو يجد مكانًا للدخول، ربما من خلال اسطبل؛ وهناك أشخاص يرون نوره وينشرونه”.
وفي نهاية العظة، استشهد البابا بالقديس أغسطينوس الذي يتساءل في تعليقه على دعاء الصلاة الربية: “أبانا الذي في السماوات”: ما هي هذه السماوات؟ وأين هي السماوات؟ ويجيب بشكل مذهل: “… في السماوات يعني: في القديسين والصدّيقين. السماوات هي الأجسام العليا في الكون، ولكن هذه الأجسام لا يمكنها أن تكون إلا في مكان ما. ولكن، إذا ما اعتقدنا أن الله هو في السماوات، أي في المناطق العليا من العالم، لكانت العصافير أوفر حظًا منا، لأنهم يعيشون أقرب إلى الله. ولكن لم يكتب: “الرب قريب ممن يعيشون في الأعالي وفي الجبال”، بل قد كتب: “الرب قريب من منسحقي القلوب” (مز 34 [33]، 19)، وهو تعبير يشير إلى التواضع. فكما يتم تسمية الخاطئ “أرضًا”، كذلك، بالمقابل، يدعى الصدّيق، “سماء””.
وختم البابا بالقول: “لا تشكل السماء جزءًا من جغرافية الفضاء، بل من جغرافية القلب. وقد انحنى قلب الله، في الليلة المقدسة، إلى الاسطبل: تواضع الله هو السماء. وإذا ما ذهبنا للقاء هذا التواضع، عندها نلمس السماء. وعندها تتجدد الأرض أيضًا. بتواضع الرعاة، فلنلتزم المسير، في هذه الليلة المقدسة، نحو الطفل في الاسطبل! فلنلمس تواضع الله وقلب الله! وعندها سيلمسنا فرحه وسيجعل العالم أكثر إشعاعًا. آمين”.