في أيّامنا هذه، يتكلّم الجميع عن السعادة. لكنّنا نرى اختلافاً كبيراً في مفهوم السعادة، الذي يوازي لدى البعض امتلاك سيّارة جديدة أو شراء شقّة أو الحصول على ترقية في العمل. لكن هل تظنّون أنّ النجاح والأشياء المادية قد تسعدكم حقاً؟
مع اقتراب عيد القديسة تريزيا الأفيلية (15 تشرين الأول)، فلنُشر إلى أنّ هذه القديسة أمضت وقتاً للاهتداء، حتّى بعد تكريسها حياتها لله كراهبة كرمليّة، بما أنها علّقت آمالها على الأشياء الدنيوية بدون تركيزها على السماء، إلى أن لمس يسوع قلبها فتغيّرت حياتها. وبناء على مقال نشره موقع catholic-link.org الإلكتروني، لخّصت القديسة تريزيا الأفيلية اختبارها بسبع نصائح لإيجاد السعادة الحقيقية، وللتشبّث بالله. من ناحيتنا، سنورد هذه النصائح ضمن مقالين متتابعين.
لا تدعوا شيئاً يزعجكم
يبدأ الانزعاج عندما نركّز على الأمور الأرضيّة، لأنّ الروح لا تجد لها راحة ولا سلاماً. أمّا إن بحثنا عنهما، فلا نجدهما! وإن اختبرتم هذا حتّى لو كنتم ممّن يشاركون في الذبيحة الإلهية ويصلّون المسبحة يومياً، لا تقلقوا لأنّ الأمر طبيعي.
تقضي دعوة يسوع لنا عبر القديسة تريزيا الأفيلية برفع أفكارنا نحوه، وهذا يعني أن نترك وراءنا رؤية أرضيّة، كي نرى كلّ ما يحصل عبر نظّارات الإيمان. ليسوع فسحة كبيرة في قلبه كي يترك فيه كلّ واحد منّا ما يزعجه وما يقلقه. لا تدعوا شيئاً يزعجكم! تعاملوا مع حاضركم، صلّوا، وانظروا كيف سيتولّى الله كلّ شيء، بعد تسليمه إياه؛ إذ أنكم بعد أن تحرّروا أنفسكم من الأمور الأرضيّة ستكتسبون قوّة لمواجهة العالم، وهذا هو الإيمان والثقة بالله. ألم يخلق هو الكون؟ فاتركوا إذاً كلّ شيء بين يديه، وارفعوا أنظاركم نحو السماء.
لا تدعوا شيئاً يخيفكم
نحن نتبع يسوع واضعين أملنا فيه. لكن على المرء أن يتحلّى بالشجاعة ليكون كاثوليكياً، إذ ليس من السهل أن ندافع عن إيماننا في مجتمع يكاد يكون شبه فارغ من القيم. نحن لا نفرض آراءنا، بل نضيء الظلمة بالحقيقة. من هنا، إنّ مهمّتنا عظيمة!
ارفعوا رأسكم عالياً لمعرفتكم أنّكم على الطريق الصحيح في الدفاع عن الحب والغفران والحقيقة والإيمان. لذا، وعندما تعلنون عن المسيح للآخرين، لا تقلقوا حيال ما سيقولونه أو يفكّرونه، لأنّ كلّ ما سيرونه هو قلبكم. لا تدعوا شيئاً في الحياة يخيفكم، فالخوف كالمورفين يشلّ المرء. عندما يكون يسوع معكم، لا تحتاجون إلى المورفين لأنّكم تستطيعون مواجهة كلّ شيء بقربه. فلنطلب تلك النعمة قائلين: “مهما حصل، لن يبعدني شيء عن الرب”. ولا تنهوا صلاتكم بدون أن تطلبوا إلى الله أن يزوّدكم بنعمة الثبات!
كلّ الأشياء عابرة
انظروا من حولكم… ماذا ترون؟ هل تلاحظون “مجد العالم”؟ مال وصفقات وتبضّع وتنزيلات وشهرة ونجاح وسلطة… كلّ هذا مجد باطل! لمَ ينفع؟ أيمكنكم أخذ شيء من هذا معكم بعد موتكم؟ كلّ شيء زائل، لذا نقول إنّ مجد هذا العالم باطل.
من ناحية أخرى، إنّ النضال لبلوغ المجد الأبدي لنكون مع الله لديه قيمة حقيقية. علينا أن نخلّص أنفسنا من “القالب” الذي يشير إلى أنّه على الكاثوليكي أن يكون مقموعاً أو حتّى “عبداً” لقوانين وأنظمة، لأنّ هذه كذبة كبيرة!
كلّما اقتربتم من الله، كانت لديكم الحرّية. وكلّما ابتعدتم عن الأمور الأرضيّة، كانت لديكم الحرّية. وكلّما ابتعدتم عن التجربة، ازدادت حرّيتكم. لا يمكن أن تتوهوا! فليكن مجد هذا العالم الباطل مثالاً لكم، لتجدوا المجد السماوي الذي يستحقّ النضال لأجله، مجد سيُسعدكم حقاً هنا على الأرض، وسيكون مُعدياً للآخرين بدون أن تدركوا ذلك.
- يتبع –