تحية البابا إلى البطريرك برتلماوس

“الرجال والنساء يشعرون بحاجة متنامية إلى الثقة والسلام”

 حاضرة الفاتيكان، 2 يوليو 2008 (ZENIT.org) – ننشر في ما يلي كلمة بندكتس السادس عشر لدى استقباله بطريرك القسطنطينية الأرثوذكسي، برتلماوس الأول في المقابلة العامة التي جرت السبت بمناسبة الإحتفال بعيد القديسين بطرس وبولس، وافتتاح سنة القديس بولس.

 ***

 صاحب القداسة،

 بفرح عميق وصادق، أحييكم والوفد الذي يرافقكم، ويسرني القيام بذلك بالإستعانة بالكلمات الواردة في رسالة القديس بطرس الثانية: “إلى الذين يشاركوننا في الإيمان الواحد الثمين الذي نتساوى جميعاً في الحصول عليه ببر إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح: ليكن لكم المزيد من النعمة والسلام بفضل معرفة الله ويسوع ربنا” (1: 1-2).

 إن الاحتفال بعيد القديسين بطرس وبولس، شفيعي كنيسة روما، وبعيد القديس أندراوس، شفيع كنيسة القسطنطينية، يمنحنا سنوياً إمكانية تبادل زيارات، تشكل دوماً مناسبات مهمة للمحادثات الأخوية وأوقات صلاة مشتركة. ومن هنا، تنمو معرفة شخصية متبادلة، وتتناغم المبادرات، ويزداد الرجاء الذي يحرك كل شيء بغية القدرة على بلوغ الوحدة الكاملة، امتثالاً لما أمر به الرب.

 هذه السنة، سيضاف إلى عيد الشفيعين، المناسبة السعيدة لافتتاح سنة القديس بولس التي أردت بإعلانها الاحتفال بذكرى الألفية الثانية على ولادة القديس بولس، على أمل التشجيع على تفكير أعمق حول الإرث اللاهوتي والروحي الذي تركه رسول الأمم إلى الكنيسة، إضافةً إلى عمله الواسع والعميق في التبشير بالإنجيل.

 شعرت بالسرور عندما علمت أن قداستكم أعلن أيضاً سنة القديس بولس. وهذه الصدفة السعيدة تسلط الضوء على جذور دعوتنا المسيحية المشتركة، وعلى التناغم المهم للمشاعر والالتزامات الرعوية التي نختبرها. لذلك، أشكر الرب يسوع المسيح، الذي يرشد طريقنا إلى الوحدة بقوة روحه.

 ويذكرنا القديس بولس أن أساس المشاركة الكاملة بين جميع المسيحيين هو في “رب واحد، وإيمان واحد، ومعمودية واحدة” (أفسس 5:4). ليتجلَ بالكامل الإيمان الواحد، والمعمودية الواحدة لمغفرة الذنوب، والطاعة لرب ومخلص واحد، في البعد الطائفي والكنسي في أقرب وقت ممكن.

 “فإنما هناك جسد واحد وروح واحد”، كما يقول رسول الأمم، ويضيف: “مثلما دعيتم، جميعكم، دعوة لها رجاء واحد” (أفسس 4:4). وعلاوةً على ذلك، يدلنا القديس بولس إلى طريق ثابتة للحفاظ على الوحدة، ولإصلاحها في حال الانقسام.

 لقد تناول القرار حول الكنائسية في المجمع الفاتيكاني الثاني، دلالة القديس بولس، واقترحها مجدداً في إطار الالتزام المسكوني، بالاستناد إلى الكلمات القوية والسائدة دوماً في الرسالة إلى أفسس: “إذن، أنا السجين في الرب، أناشدكم أن تسلكوا سلوكاً يليق بالدعوة التي إليها دعيتم، بكل تواضع، ووداعة وطول بال، محتملين بعضكم بعضاً في المحبة، مجتهدين أن تحافظوا على وحدة الروح برابطة الوفاق” (1:4-3).

 وإلى أهل كورنثوس الذين نشأ بينهم نزاع، لا يتردد القديس بولس في توجيه دعوة قوية إليهم من أجل التوافق دوماً، لئلا يكون بينهم انقسام، وليكونوا جميعاً موحدي الفكر والرأي (1 كورنثوس 10:1).

 على الرغم من أن ظاهرة العولمة قد تعززت في عالمنا، ما تزال الانقسامات والنزاعات الدائمة مستمرة، ويشعر الرجال والنساء بحاجة متنامية إلى الثقة والسلام. ولكنهم يظلون في الوقت عينه تائهين، كأنهم واقعون في شرك شكل من أشكال الثقافة المتعية والنسبوية التي تثير الشك حول وجود الحقيقة.

 إن إرشاد الرسول في هذه المسألة يساعد كثيراً على تشجيع الجهود التي ترمي إلى الوحدة التامة بين المسيحيين، الضرورية لتقديم شهادة أكثر إشراقاً في المسيح، الطريق والحق والحياة، لإنسان الألفية الثالثة. فقط في المسيح، وفي إنجيله، تجد البشرية الجواب عن أعمق رجاء لها.

 فلتساعد سنة القديس بولس، التي تبدأ بجلال هذا المساء، الشعب المسيحي على تجديد الالتزام المسكوني، ولتتكثف الجهود المشتركة في الرحلة إلى الاتحاد الكامل بين جميع تلامذة المسيح. وكجزء من هذه الرحلة، يشكل وجودكم هنا اليوم علامة مشجعة بالتأكيد. لذلك، أعبر لكم جميعاً من جديد عن فرحي برفع الصلوات الشاكرة معاً إلى الرب.

 

Share this Entry

نقلته من الإنكليزية إلى العربية غرة معيط    

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير