التاسع والعشرون من يوليو
روما، الثلاثاء 29 يوليو 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم التاسع والعشرين من يوليو للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
الإيروس و الأغابي
في الحقيقة إن الإيروس و الأغابي – الحب الصاعد والحبِّ المتنازل – لا يُمْكن فصلهما بالكامل. فكلّما وَجَدَ الإثنان، رغم سماتهما المختلفة، وحدةً صحيحةً في حقيقة الحب الواحدة، كلّما تحققت الطبيعة الحقيقية للحب بشكلٍ عام. حتى لو أن الإيروس في بادئ الأمر هو طمّاع وصاعد، يسحر بوعده العظيم بالسعادة، إلا أنه في اقترابه من الآخرين، يتحول تدريجياً وعلى نحوٍ متزايد مِن الإهتمام بذاته، إلى الإهتمام بسعادةِ الآخرين، يهتم بالمحبوب، يُضحّي بنفسه ويريد أن “يكون لأجل” الآخر. بهذا الشكل يدخل عنصر الأغابي إلى هذا الحبِّ؛ وإن لم يحدث ذلك ينحطّ الإيروس ويَفْقدُ حتى طبيعتَه الخاصة. من ناحية أخرى، لا يَستطيعُ الإنسان أن يعيش فقط من خلال الحبّ المُضحّي، المتنازل. فهو لا يستطيع أن يمنح دائماً، بل يَجِبُ عليهِ أيضاً أَنْ يتقبَّل. فمَن يرغب في إعطاء الحب يجب عليه أيضاً أَنْ يتقبَّل الحب كعطيّة. طبعاً الإنسان يستطيع، كما يُخبرُنا الربّ، أن يُصبحَ ينبوعاً تتدفَّق منه أنهار ماءٍ حي (راجع يو 7، 37 ـ 38). لكن كي يُصبح ينبوعاً، عليه أَن يشرب دائماً وبشكل متجدد مِن الينبوع الأولِ والأصليِّ، أي يسوع المسيح، الذي من قلبِهِ المطعونِ يتدفَّق حب الله (راجع يو 19، 34).