الثالث والعشرون من ديسمبر
روما، الثلاثاء 23 ديسمبر 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الثالث والعشرين من شهر ديسمبر للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
ستهيئ الطريق
حاول القديس أغسطينوس أن يوضح لذاته وللمؤمنين طبيعة الخدمة الكهنوتية. توصل إلى هذه الفكرة عبر التأمل بشخصية يوحنا المعمدان، الذي يجد فيه تصويرًا مسبقًا لدور الكاهن. يرى أن يوحنا المعمدان يُصوَّر في العهد الجديد في مقولة مستعارة من أشعيا كـ “الصوت”، بينما يظهر المسيح في إنجيل يوحنا كـ “الكلمة”. تساعد العلاقة بين “الصوت” و “الكلمة” في إيضاح العلاقة بين المسيح والكاهن. الكلمة موجودة في قلب الإنسان قبل أن تصبح مسموعة عبر حاسة السمع. عبر وساطة الصوت، تدخل في حواس الشخص الآخر وتضحي حاضرة في قلبه، دون أن يخسر المتكلم كلمته بأي شكل من الأشكال. وبالتالي، فالصوت الذي يحمل الكلمة من شخص إلى شخص آخر (أو إلى أشخاص آخرين) يضمحل في النهاية. أما الكلمة فتبقى. في نهاية المطاف، دور الكاهن هو أن يكون ببساطة صوت الكلمة: “لا بد له من أن يكبر. ولا بد لي من أن أصغر” – ما من غاية أخرى للصوت إلا أن ينقل الكلمة؛ وبعد ذلك يمحي ذاته مرة أخرى. على هذا الأساس، يتضح قوام وتواضع الخدمة الكهنوتية: الكاهن هو مثل يوحنا المعمدان، سابق وخادم للكلمة. ليس هو ما يهمّ، بل الآخر. وهو، بوجوده برمته، صوت؛ هذه هي رسالته: أن يكون صوت الكلمة، وبالتالي أن يكون جذريًا منتميًا ومعتمدًا على آخر، أن يشترك في قوام رسالة المعمدان، وفي رسالة اللوغوس بالذات.