انشقاق الكنيسة الأرمنية عن الكنيسة الجامعة

مجمع خلقيدونيا وأثره على الكنيسة والشعب الأرمنيين(8)

Share this Entry

بقلم الأب الياس جانجي

روما، الاثنين 30 مارس 2009 (zenit.org). – بعد أن تحدثنا في المقالة السابقة عن المباحثات بشأن مجمع خلقيدونيا في إرمينيا، ننتقل الآن إلى الحديث عن إنشقاق الكنيسة الأرمنية عن الكنيسة الجامعة.

3ـ4. انشقاق الكنيسة الأرمنية عن الكنيسة الجامعة

درس الكثير من الباحثين والعلماء الأرمن أسباب انشقاق الكنيسة الأرمنية وتعمقوا فيها. فتوصل البعض منهم إلى أن أسباب الانفصال هي دينية، والبعض الآخر نسبها إلى أسباب سياسية.

فمن الباحثين القائلين بالأسباب السياسية كان الأب أورمانيان الأرمني في كتابه ” الكنيسة الأرمنية” حيث يقول: «إن المشكلة المطروحة والمُعالجة في المجمع الخلقيدوني، ليست هي المشكلة اللاهوتية العقائدية عن شخص المسيح، إنما المشكلة هي الصراع بين البطريركيات الثلاث: إنطاكية، الإسكندرية وروما على من سيمثل فيها السلطة العليا التي تسيطر على الأخرى» . واليوم بعض من اللاهوتيين ورجال الدين ينحون في هذا المنحى. فيقول غريلميير أن أسباب الانشقاق هي العداوة بين كبادوكيا – إنطاكية، وكيرلس – الإسكندرية. وينتهي أورمانيان ليقول أنه العامل السياسي ” أخيرا وليس آخراً ، ما كانت التكتلات السياسية إلا عاملاً حاسماً في تاريخ المجمع الخلقيدوني . وأنه ما من أحد يستطيع الإنكار بأن السياسة كانت مهيمنة على تاريخ علم اللاهوت بشكل لم يعد فيه – أي علم لاهوت – ملتزما بقوانينه الخاصة .

أما الطرف الآخر فيقول إن الأسباب هي أسباب دينية وهذا ما يؤكد عليه المطران كوكيان في كتابه “الكنيسة الأرمنية” من خلال جوابه على كتاب أورمانيان. فالسبب الرئيسي هو الخلاف حول شخص المسيح. وهذا ما نلاحظه في قول دي فريز:«لا بد لنا من الإقرار، كحقيقة واقعة، بأن المجمع الخلقيدونيّ لم يرتفع إلى مستوى الأهداف التي توقعوها منه : فهو لم يقتصر على تسجيل فشل ذريع في تحقيق المصالحة العامّة بين الكنائس عامة فحسب ، بل تسبب أيضا في إحداث انشقاق جديد استمر، لسوء الحظ حتى يومنا هذا. وأنها لحقيقة مؤلمة أن المحاولات التي من شأنها أن تعبّر عن السرّ الذي لا يدرك للمسيح بعبارات بشرّية، أدت إلى صراع مسيحيّ – مسيحيّ. ومع ذلك، فقد كان الجميع يتوخون الهدف ذاته: أن يشهد المجمع بأن هناك مسيحا واحدا الذي هو إله حق وإنسان حق في الوقت نفسه . لقد نشأ النزاع في العجز الإنسانيّ الأساسيّ في ذلك الوقت ، عن تصور بأنه يمكن التعبير عن الحقيقة نفسها وبكلمات مختلفة تبدو أكثر تناقضاً في ظاهرها» .

ولا بد لنا من التذكير بالدور الذي لعبه الفرس على يدّ السريان من أجل قطع علاقة الأرمن بالبيزنطيين الروم، وخاصة أن هؤلاء كانت علاقة قوية ومرتبطة على كافة الأصعدة، وبالأخص على الصعيد العقائدي. فقد لعب أبتيشو أسقف السريان دوراً كبيراً كما ذكرت سابقاً. فأثر هذا على بعض الأساقفة الأرمن. فقام بتقديم ذاته كعدو للنسطورية، وأقنعهم بأن مجمع خلقيدونيا مساوٍ لهذا التعليم النسطوري. فبالتالي حين قاوم الأرمن النسطورية فسيقاوم أيضاً مجمع خلقيدونيا. فقام الأساقفة الأرمن بسيامته أسقفاً مع زملاء له ثلاث. كما أن الهدايا الفارسية لعبت على الوتر الحساس وأجبرت ملك الأرمن على تغيير خطته الاستراتجية والدينية العقائدية.

نستخلص من كل هذا أن أسباب الانفصال تعود لاختلاف التعابير اللاهوتيّة المُتداولة لدى كل من المدرستين الإنطاكيّة والإسكندريّة. وتعود أيضاً إلى رفض الإمبراطور البيزنطي مساندة الأرمن في حربهم ضد الفرس، عندما طلبوا منه النجدة. وبقي هذا الحدث مطبوعاً في عمق ذاكرة الأرمن الذين استبسلوا في الدفاع عن أرضهم وإيمانهم المسيحيّ بقيادة الشهيد فارطان ماميكونيان.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير