سر التجسد وثوب المجد

الكنيسة عروسة المسيح بحسب القديس افرام السرياني (3)

Share this Entry

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، الثلاثاء 2 فبراير 2010 (Zenit.org). – يقوم افرام بقراءة عمل المسيح الخلاصي على ضوء قصة آدم فيقول “كل هذه التحولات قام بها الرحيم خالعًا المجد ولابسًا الجسد لأنه ابتكر طريقة يعيد فيها إلباس آدم بثوب المجد الذي كان آدم قد خسره. الْتَحَف المسيح بالقماطات، التي توازي أوراق التين التي لبسها آدم، ارتدى المسيح الثياب، بدل الجلود التي تغطى بها آدم واعتمد لأجل خطيئة آدم، مُسح جسده لأجل موت آدم، قام ورفع آدم إلى مجده. مبارك الذي انحدر، لبس آدم وصعد إلى السماء” (أناشيد الميلاد 23، 13).

يتضمن هذا النص إشارة إلى ثوب المجد الذي خسره آدم، وعمل المسيح الذي يهدف إلى إعادة إلباس آدم بثياب المجد. تاريخ الخلاص هو إلى حد ما إعادة الباس البشرية بثوب المجد الذي خسرته بين أشجار عدن. فالمسيح يأتي الأرض لابسًا ثوب بشريتنا لكي يعيد في تجسده تألق المجد الذي خسرته هذه البشرية بالابتعاد عن الله. ثوب المجد بحسب افرام هو بالحقيقة ثوب وليمة عرس الحمل، عرس الخليقة مع خالقها.

في إشارة إلى نص متى 22، حيث يتحدث الرب عن مثل الدعوة إلى العرس، نرى كيف أن الثوب هو ثوب عرس الحمل يقول القديس افرام: “لبس بكر الآب جسدًا كوشاح ليخفي مجده. يتألق العريس الذي لا يموت بثوبه. فليشابهه المدعوون إلى العرس في ثيابهم. فلتشع أجسادنا، التي هي ثوبك فلتشع لكي لا يكون لها مصير ذلك الرجل الذي كان جسده غير نقي. يا رب اغسل بنورك دنسي في وليمتك” (أناشيد نصيبي 43، 21).

في النص أعلاه نجد إشارتين هامتين، الأولى إلى البعد الخَتني للتجسد، فالمسيح هو العريس الذي يرتدي ثوب عرسه الذي هو في نهاية المطاف جسدنا البشري. والإشارة الثانية إلى قدسية الجسد البشري، فالجسد هو ثوب المسيح المتجسد، لذا يقول افرام: “فلتشع أجسادنا، التي هي ثوبك”.

يعلق افرام على إنجيل متى 22، 1 – 14، فيشرح أن  الرجل الذي يُطرد من حفلة العرس، لا يُطرد لأنه لم يكن لديه ثوب العرس، فكل منا ينال ثوب عرسه عند المعمودية. الرجل يُطرد لأنه دنس ثوبه أو فقده. هذا التفسير كان متفشيًا في زمن افرام، فافراهاط يتحدث عن موضوع مماثل في البراهين 6، 1 حيث يدعو إلى “ارتداء ثياب العرس”. وافرام يتحدث عن هذا الموضوع في أناشيد البتولية 33: “اجعلني يا رب مستحقًا الدخول في خدر عرس مجدك، مرتديًا ثوبك، يا رب”.

عمل يسوع الخلاصي يتم في التاريخ من خلال الإرادة البشرية، والإرادة البشرية الأولى التي تلقت عمل الله الخلاصي في التجسد هي مريم العذراء، التي يشبهها افرام إلى الكرمة التي تعطي عنقودًا عذبًا هو “دواء الحياة”.

“الكرمة العذراء أنتجت عنقودًا عذب الخمرة حمل التعزية إلى أحزان آدم وحواء الكئيبين: تذوقا دواء الحياة، وتعزوا من أحزانهما. (أناشيد للعذراء 1، 14).

مثل القديس يوستينوس والقديس إيرناوس، يقيم افرام مقارنة بين العذراء حواء والعذراء مريم. بعد الموت الذي حملته “أم الأحياء” الأولى، تعيد مريم، أم الحياة، إلى البشرية ثوب المجد الذي هو ثوب العرس: “في البشرية بتولان الأولى هي حاملة حياة، الثانية هي سبب موت؛ من حواء خرج الموت الموت، أما الحياة فمن مريم. الأم التي سقطت، استلقت على ابنتها. وبما أن تلك قد ارتدت أوراق العري، قامت هذه بحياكة رداء مجد لأمها”.

ويشمل افرام في المقارنة آدم الأول وحواء الأولى وآدم الثاني (المسيح) وحواء الثانية (مريم العذراء) فيقول:

“لقد حمل آدم الفساد إلى المرأة التي خرجت منه وها هي اليوم تنعتق من فسادها إذ تلد له المخلص.

الرجل الذي لا يلد أبدًا قد ولد الأم حواء كم بالحري يجب أن نؤمن بابنة حواء التي ولدت ابنًا دون رجل.

إن أرضًا عذراء قد ولدت آدم، رأس الأرض. والعذراء ولدت اليوم آدم رأس السماء” (أناشيد الميلاد 1، 14- 16).

“نظرت إليه حواء لأن عري النساء كان كبيرًا وهو وحده كان يستطيع أن يلبسهنّ بدل أوراق الشجر، المجد الذي كنّ قد فقدنه” (أناشيد الميلاد 1، 43).

تجسد المسيح ليس فقط تكفيرًا عن خطيئة آدم وحواء بل هو حفل عرس يضم الرب العريس إلى الخليقة العروس:

“مبارك الذي وسم نفسنا، زينها وتزوج بها. مبارك من جعل من جسدنا  خيمة لمجده اللامرئي. مبارك الذي ترج أسراره في لغتنا” (أناشيد الميلاد 2، 7).

هذه الأبيات وسواها الكثير يثبتا في فهمنا بأن ثوب المجد هو ثوب العرس. إنه الثوب الذي يناله المؤمنون في العماد والذي يجب أن يحافظوا على نقاوته حتى العرس الاسكاتولوجي عند مجيء الرب بالمجد.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير