بقلم مارين سورو
روما، الخميس 06 يناير 2011 (Zenit.org) – الاحتفال بعيد الميلاد ليس مجرد “ذكرى” وإنما هو “سر”؛ ليس فقط “ذكرى” بل هو “حضور”، حسبما قال بندكتس السادس عشر في التعليم الذي تلاه يوم أمس الأربعاء خلال المقابلة العامة في قاعة بولس السادس، والذي دعا فيه إلى تحرير عيد الميلاد من “مظهر أخلاقي وانفعالي”.
قال البابا: “إن الاحتفال بعيد الميلاد يفتن اليوم كما في السابق، أكثر من أعياد كنسية أخرى؛ يفتن لأن الجميع يشعرون بطريقة ما بأن ولادة يسوع مرتبطة بأعمق تطلعات وآمال الإنسان”.
“تستطيع النزعة الاستهلاكية أن تبعدنا عن هذا التوق الداخلي، ولكن إن كانت قلوبنا ترغب في استقبال هذا الطفل الذي يحمل جِدة الله، الذي جاء ليعطينا الحياة بالكامل، قد تتحول بالمقابل أنوار زينة الميلاد إلى انعكاس للنور الذي أشع مع تجسد الله”.
اعتبر البابا أن “الاحتفال بوقائع تجسد ابن الله ليس مجرد ذكرى لأحداث من الماضي، وإنما هو جعل الأسرار الحاملة للخلاص حاضرة. في الليتورجيا، في الاحتفال بالأسرار، تصبح هذه الأسرار فعلية وفعالة لنا اليوم”.
في تعليمه، أوضح بندكتس السادس عشر معنى الميلاد الذي “يحمل بواكير “السر الفصحي”: “إنه إذاً بداية السر الأساسي للخلاص الذي يتوج في الآلام والموت والقيامة، لأن يسوع يبدأ تقدمة ذاته بمحبة منذ اللحظة الأولى لوجوده البشري في أحشاء مريم العذراء”. إذاً، فإن عشية الميلاد “مرتبطة بعشية الفصح الليلية الكبرى، عندما يتحقق الفداء في التضحية المجيدة التي يبذلها الرب المائت والقائم من بين الأموات”.
وأضاف: “الاحتفال الليتورجي بالميلاد ليس إذاً مجرد ذكرى، بل هو سر بخاصة؛ ليس فقط ذكرى بل هو أيضاً حضور”.
“في سبيل فهم معنى هذين الجانبين المتلازمين، يجب أن نعيش بعمق كل زمن الميلاد كما تقدمه الكنيسة. إن فكرنا به بشكل شامل، يمتد هذا العيد لفترة أربعين يوماً، من 25 ديسمبر ولغاية الثاني من فبراير، من الاحتفال بعشية الميلاد إلى أمومة مريم، وعيد الغطاس، ومعمودية يسوع، وعرس قانا، والتقدمة في الهيكل، تحديداً بالتماثل مع الزمن الفصحي الذي يشكل وحدة مؤلفة من خمسين يوماً حتى العنصرة”.
وأضاف: “لا بد من تحرير هذا الزمن الميلادي من المظهر الأخلاقي والانفعالي. لا يقترح علينا الاحتفال بعيد الميلاد مجرد مثل نقتدي بها كتواضع الرب وفقره، وعطفه ومحبته تجاه البشر؛ بل إنه يدعونا بالأحرى إلى السماح لأنفسنا بالتبدل بالكامل بفعل من اتخذ جسدنا”.
ختاماً، دعا بندكتس السادس عشر المؤمنين إلى عيش زمن الميلاد بحرارة: “بعد السجود لابن الله المتأنس والموضوع في المذود، نحن مدعوون إلى الانتقال إلى مذبح التضحية حيث يُقدم لنا المسيح، الخبز الحي النازل من السماء، كغذاء حقيقي للحياة الأبدية. وما رأيناه بأعيننا، على مائدة الكلمة وخبز الحياة، وما تأملنا به، ولمسته أيادينا، أي الكلمة الذي صار جسداً، فلنعلنه بفرح للعالم ولنشهد له باندفاع من خلال حياتنا كلها”.