ماذا كان حكم الممثلين الحاضرين في المؤتمر على خبرات العمل الراعوي مع الغجر؟
الكاردينال ايردو: الخبرات مختلفة وهناك حقائق في القسم الغربي من القارة الأوروبية تبدو جديدة، كالهجرة المتزايدة للجماعات الغجرية من قسم القارة الشرقي. لكن هذه الهجرة لا تتخذ أبعاداً كبيرة مقارنة بالهجرات الأخرى، كهجرة المسلمين وغيرهم. لذا فإن المشكلة الراعوية رغم دخولها ضمن إطار محدد تبقى صغيرة نوعا ما.
كان يعيش في ايطاليا قبل بضع سنوات حوالي 100 ألف غجري وقد تضاعف عددهم الآن. بينما يعيش في هنغاريا اليوم 600 ألف غجري على الأقل، إن لم يصل عددهم الى 700 ألف، دون الحديث عن البلدان الأخرى كرومانيا ذات العدد الأكبر.
لذا فالمسألة الراعوية في بلدنا تختلف عما هو في القسم الغربي الى حد ما. رغم أنه من البديهي جدا أن العمل الراعوي في الشرق وفي الغرب يتطلب كفاءة عالية، تسامحا كبيرا، وتهيئة جيدة في هذا المجال، فضلا عن كثير من الصبر إن أردنا قول الحقيقة كاملة.
ليست المنظمات الكبيرة هي القادرة على حل المشكلة وهي ليست مجرد مشكلة اجتماعية، بل إن الأمر يتعلق بالفعل، بالمحبة الراعوية الضرورية حيال هذه الجماعات أيضاً.
كيف يمكنكم وصف حالة الخدمة الراعوية مع الغجر في هنغاريا؟
الكاردينال ايردو: تختلف طبيعة الخدمة الراعوية من بلد لآخر. قبل كل شيء، غجر هنغاريا ليسوا رحّل. كانوا في طريقهم للاندماج بالمجتمع وبمجال العمل أيضا في نهاية عهد الشيوعية. بشكل خاص في الصناعة وفي مجال الاعمار، وفي مجالات أخرى من قطاع الصناعات الثقيلة، وهناك أماكن مخصصة للأشخاص الأقل خبرة.
هكذا امتلك الغجر رسميا وعمليا، وظائف ثابتة، وفي الغالب كانت بعيدة عن عائلاتهم وعن قراهم، التي كانوا يعودون إليها في نهاية الأسبوع، لذا فقد ولجوا ميدان العمل بشكل ما، وربما كانوا أكثر من تضرّر في التغيرات الاقتصادية، حيث فقدوا عملهم، لأن الصناعة الجديدة الأكثر تواضعاً من حيث حجمها، ليست بحاجة الى عمال دون كفاءة متميزة. لهذا السبب اتسع انتشار البطالة بينهم، فضلا عن الصعوبة في إيجاد نشاطات اقتصادية يمكنها أن تكون أساسا لدعم هذه الجماعة. ويجب أيضاً تجنب الحالة التي كانت فيها قرى كاملة، تعيش فقط على المساعدات المادية التي مصدرها الحكومة أو إحدى الجهات العامة.
نجد أمامنا واجبات حقيقية في مجال التعليم، حيث تمتلك الكنيسة الكاثوليكية لدينا مئات المدارس: لا نستخدم في هذه المدارس أسلوب “الفصل” أبداً، حيث يندمج أولاد الغجر مع كل بقية الطلاب.
أكثر من نصف هؤلاء الأولاد، يمتلكون الهنغارية كلغة أُم؛ أما بالنسبة للآخرين، فهناك التعليم بلغتهم أيضا، لكنه برنامج شاق الى حد ما، بسبب وجود لهجات عديدة تستخدمها الجماعات المختلفة. لذا من الصعب معرفة كل التفاصيل العائلية واللغوية لهذه المجموعات.
الفرصة الأخرى الأكثر جاذبية وتشجيعا، هي الليتورجية المتبعة في أماكن الحج ودور العبادة الكبيرة، حيث يجتمع الأشخاص من مختلف الأصول، الغجر وغير الغجر، الهنغاريون والمؤمنون من القوميات الأخرى، للصلاة، وللسجود للقربان المقدس، اللجوء الى العذراء مريم، والشعور بأنهم جماعة مسيحية واحدة. إن قوة الإيمان هي التي تجمع الناس من كل حدب وصوب.
من المؤكّد أن هناك أيضاً ميلٌ أكثر خطورة: فمجتمع الغجر متآصر جدا، وهناك علاقات خضوع صارمة على المستوى الفردي والعائلي. فعند تحول رئيس الجماعة من دين لآخر، غالبا ما تحرم الجماعة التي يرأسها، من حرية ممارسة دينها السابق، المسيحية على سبيل المثال.
لذا، ينبغي الانتباه الى هذه الظروف أيضا، وامتلاك حوار بناّء مع أولئك الأفراد الذين يمثلون سلطة في تلك البيئة، وبشكل خاص المفكرين، الفنانين أو الموسيقيين الذين يتمتعون باحترام دولي.