عرض فادي عامر عبد

ضمن سلسلة الثقافة السريانية، صدر عن المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية كتاب جديد حمل عنوان (تاريخ الثقافة السريانية) للباحث فؤاد يوسف قزانجي، الكتاب من الحجم الوسط يقع في (304) صفحات. يسعى المؤلف عبره إلى "توضيح بعض الجوانب التاريخية في نشأة المسيحية المشرقية وتطور آدابها وبعض علومها بالإضافة إلى شروحها الدينية وكفاحها المستمر خلال القرون الميلادية الأولى أو في العصر الفارسي-السرياني في العراق، بعد بحث استغرق ثلاث سنوات معتمدا على المصادر الانكليزية بالإضافة إلى المصادر المترجمة إلى العربية".

ويضيف المؤلف في مقدمته: "درست أيضا بعض القصص المشتركة بين السريان والعرب لأهميتها في الثقافة السريانية-العربية بالإضافة إلى دراسة شخصية القس ورقة بن نوفل وأهميته التاريخية، وكذلك بالنسبة إلى الراهب بحيرى. أما بالنسبة للشخصيات المشرقية فقد اخترت 20 شخصية بالإضافة إلى أربع شخصيات معاصرة لها دورها في الأدب المشرقي ومنهم: الآثاري الأول هرمزد رسام، العلامة الفونس منكنا، الأب العلامة الدكتور يوسف حبي، والأب الباحث بطرس حداد. أما بالنسبة إلى أشكال الأدب السرياني، فقد سعيت إلى ذكر أهم ملامحه التي لم تخل من أمثلة أو أشعار مترجمة تعكس رؤية الأديب واتجاهه الأدبي".

يمكن القول ان الكتاب يقع ضمن الكتب التاريخية المعنية بالادب السرياني المشرقي التي يعرفها المثقفون في العراق وسوريا من امثال (اللؤلؤ المنثور)للمطران افرام برصوم ،على الرغم من تجاوزه للثقافة المشرقية في العراق.وكتاب روبنس دوفال: (تاريخ الادب السرياني) وترجمة الاب لويس قصاب،وكتاب (موجز تاريخ الادب السرياني) لوليام رايت، وكتاب نينا ليفسكايا الموسوم (ثقافة السريان في العصور الوسطى) وكذلك كتاب الباحث الاب البير ابونا الموسوم (ادب اللغة الارامية) .

 مشيدا بالنهضة الثقافية الجارية في إقليم كردستان المتمثلة بالمديرية العامة للثقافة والفنون السريانية وسائر الاتحادات والجمعيات والمدارس من أجل تربية جيل يستعيد أمجاد التراث السرياني الذي ازدهر في القرون الميلادية الأولى.

يقع الكتاب في أربعة أبواب، الباب الأول يحمل عنوان (تاريخ الثقافة السريانية او المشرقية وتطورها)، أما الباب الثاني فجاء بعنوان (ممالك ومدن كانت حاضنة للثقافة السريانية)،ثم الباب الثالث (معالم الأدب والتراث المشرقي-السرياني)، أما الباب الرابع فيحمل عنوان (أبرز الكتاب المشرقيين).

الكتاب  باللغة العربية  وهو جدير بالقراءة لما يحتويه من معلومات تضيء على جوانب من تاريخ الثقافة السريانية من حيث نشأتها والظروف التي مرت بها وابرز كتابها والمهم كما يؤكد المؤلف: "أنني سعيت أن أكون موضوعيا وعلميا دون هوى .

ويذكر ان الاستاذ فؤاد قزانجي سبق ان صدرت له المؤلفات التالية التي تتعلق بتاريخ المشرق:

1-قزانجي،فؤاد يوسف.اصول الثقافة السريانية.عمان: دار دجلة،2010

2-قزانجي،فؤاد قزانجي. مدن عراقية.اربيل:2012

3- منشورات الفكر المسيحي:مقالات بين الماضي والحاضر ،فؤاد قزانجي والاب البير ابونا وآخرون.تقديم فؤاد قزانجي،مراجعة الاب د.يوسف توما.يغداد،2013

موقع مديرية الثقافة السريانية.

سر الفداء بحسب بندكتس السادس عشر

إن صورة المسيح المصلوب التي تشكل النقطة المحورية في ليتورجيا يوم الجمعة العظيمة تجعلنا ندرك مدى خطورة الشقاء البشري والوحدة البشرية والخطيئة البشرية. ومع ذلك، لم ينفك يُنظَر إليها على مدى قرون تاريخ الكنيسة كصورة للتعزية والأمل. لقد تمّ العثور على لوحة المذبح المعروفة بـ”إيزنهايم” للرسام “ماتياس غرونوالد” ولعلّها أكثر رسم لرواية الصلب تأثيراً في كل تاريخ المسيحية في دير الإسبتاريين الأنطونيين الذين كانوا يعنَون بالمصابين بالأوبئة الفظيعة التي ضربت الغرب في أواخر العصور الوسطى. ويُصوَّر يسوع المصلوب فيها في عداد أولئك الضحايا، وقد شوّهت ندبات الطاعون الدبلي الجسد منه، وهو أفظع أنواع الأوبئة في ذلك الزمان… وقد جعل هذا الرسم المصابين يدركون أنه بسبب مرضهم تحديداً كانوا يتماهون مع المسيح المصلوب الذي بآلامه أصبح واحداً مع معاناة البشرية كلها؛ وقد شعروا بوجود المصلوب في صليبهم وعرفوا أنهم ومن خلال شقائهم يُحملون إلى الإتحاد مع المسيح وبالتالي إلى لدن رحمته الأبدية. لقد خبروا صليبه كفداء لهم… وهم بدل التعزية الإلهية يريدون تغييرات تفدي المعاناة بإزالتها: ليس الفداء من خلال المعاناة بل الفداء من المعاناة، ذاك هو شعارهم؛ وليس توقع المساعدة الإلهية بل أنسنة الإنسان على يد الإنسان، ذاك هو هدفهم.