ومن واجب الأديان ـ تابع البابا يقول ـ أن تعمل بدورها على تعزيز العلاقات الأخوية بين أبناء المجتمع الواحد … لا أحد يستأهل التهميش بسبب معتقداته وممارسته الدينية، ومن خلال الدفاع عن هذه الحقوق الأساسية تُظهر المجتمعات احترامها لكرامة كل كائن بشري. والأديان لا يسعها أن تكون أبداً مصدراً للانقسام ومحرضاً على العنف. بعدها تمنى البابا للسفراء الجدد النجاح في مهامهم الدبلوماسية، وسأل الله العلي أن يرافق خطواتهم مانحاً ضيوفه بركاته الرسولية.
كلمة البابا إلى سفيرة باكستان
وفي كلمته إلى سفيرة باكستان الجديدة لدى الكرسي الرسولي السيدة عائشة رياض، شدد البابا على أهمية الدفاع عن السلام والعدالة في المجتمع الباكستاني والعالم كله بغية بناء مستقبل أفضل للبشرية كلها. وأضاف الحبر الأعظم: يمكن بلوغ هذا الهدف فقط من خلال تعزيز التعاون بين الشعوب والأديان والأمم، ولذا يعرب الكرسي الرسولي عن تقديره الكبير لالتزام باكستان في التعاون مع الجماعة الدولية للحفاظ على الاستقرار في المنطقة وحماية أرواح المواطنين الأبرياء إزاء تهديد الإرهاب والعنف.
وذكّر البابا الدبلوماسية الباكستانية بأن الديمقراطية ترتكز على مبدأ حرية التعبير عن الرأي علنا وفي شتى الوسائل. لكن ينبغي أن يُمارس هذا الحق بطريقة مسؤولة إذا ما أردنا الحفاظ على الاستقرار والتعايش السلمي في المجتمع. وأشاد البابا بالإجراءات القانونية الهادفة إلى الحد من التمييز ضد المرأة في باكستان والدفاع عن حقوق الطفل.
وتابع بندكتس السادس عشر كلمته داعياً السلطات الباكستانية إلى الدفاع عن حريات المعتقد في المجتمع وحقوق الأقليات الدينية، وقال: في وقت تزداد فيه التهديدات المحدقة بالحريات الدينية في العالم، أود تشجيع حكومتكم على مضاعفة الجهود الآيلة إلى الدفاع عن حق كل مواطن في العيش وممارسة الشعائر الدينية حسب ما يمليه عليه ضميره، مذكراً بإسهام الكنيسة الكاثوليكية في نمو المجتمع الباكستاني من خلال نشاطاتها التربوية والصحية والخيرية الموجهة إلى جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية.
كلمة البابا إلى سفير السودان
وفي كلمته إلى سفير السودان الجديد لدى الكرسي الرسولي أحمد حامد الفكي، تطرق البابا إلى الوضع المأساوي في إقليم دارفور، وقال: يعلم الجميع أن لغة السلاح تعجز عن حل النزاع وبناء السلام المرتكز إلى العدالة، لأن هذا الهدف يمكن تحقيقه فقط من خلال الحوار والتفاوض، مع الأخذ في عين الاعتبار حقوق الأقليات الثقافية، العرقية والدينية. ولهذا السبب ـ قال بندكتس السادس عشر ـ أشجع جميع المسؤولين على متابعة الجهود الهادفة إلى بلوغ حل سلمي للنزاع الدموي.
وتابع البابا يقول: إن السلام يشكل اليوم تحدياً كبيراً لبلدكم الغني بالتنوع الثقافي والعرقي والمطبوع بالتعايش السلمي بين أتباع مختلف الديانات. فهذا التنوع داخل المجتمع الواحد يساهم في الحفاظ على السلام والاستقرار واللحمة الوطنية شرط أن يرافقه حوار صريح وصادق يصب في صالح الخير العام. وذكّر الحبر الأعظم السفير السوداني بما جاء في رسالته لمناسبة يوم السلام العالمي 2006: يجب أن “يظهر السلام بطريقة جديدة: لا كانعدام الحرب بل في شكل تعايش بين المواطنين الأفراد في مجتمع تحكمه العدالة وحيث يتم، قدر المستطاع، تحقيق خير كل واحد منهم”.
ثم قال البابا إن بناء السلام في المجتمع يتطلب ارتداد القلوب، متمنياً أن يستمر الحوار بين المسيحيين والمسلمين في السودان وأن ينمو في إطار التعاون الأخوي والاحترام المتبادل، وأن يعترف الطرفان بالقيم الدينية المشتركة التي تجمع بين الديانتين، مشدداً ـ مرة جديدة ـ على ضرورة احترام الحريات الدينية، لأنه شرط أساسي لبناء السلام والعدالة. هذا ثم أعرب البابا عن قربه من رعاة الكنيسة الكاثوليكية في السودان ومؤمنيها، سائلا الله أن يبارك السفير الجديد والشعب السوداني كله.