من الإرشاد الرسولي "سر المحبة" لقداسة الحبر الأعظم بندكتس السادس عشر

“الجمال ليس عاملاً تزينيًا في العمل الليتورجي؛ بل هو عنصر أساسي، لأنه خاصية من خصائص الله ووحيه الإلهي”

Share this Entry

الفاتيكان، 5 يونيو 2007 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي العددين 34 و 35 من القسم الثاني من الإرشاد الرسولي “سر المحبة” لقداسة الحبر الأعظم  البابا بندكتس السادس عشر حول موضوع الافخارستيا مصدر وغاية حياة الكنيسة ورسالتها

القسم الثاني

الافخارستيا، سر يستحق الاحتفال

 
“الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: لم يُعطِكُم موسى خُبزَ السَّماء بل أَبي يُعطيكُم خُبزَ السَّماءِ الحَقّ” (يو 6، 32)

* * *

 
قانون الصلاة وقانون الإيمان

34. تأمل سينودس الأساقفة حول العلاقة الوطيدة القائمة بين الإيمان الافخارستي والاحتفال، مسلطًا الضوء على الرباط القائم بين قانون الصلاة وقانون الإيمان (lex orandi e lex credendi)، ومشددًا على أولوية العمل الليتورجي. من الضرورة بمكان عيش الافخارستيا كسر الإيمان الذي يحتفل به بأصالة، مع وعي كامل بأن “فهم الإيمان هو دومًا في علاقة أساسية مع نشاط الكنيسة الليتورجي” (105).

في هذا الإطار، لا يستطيع التفكير اللاهوتي أن ينفصل عن البعد الأسراري الذي أسسه المسيح نفسه.

من ناحية أخرى، لا يمكننا أن نعتبر العمل الليتورجي بشكل عام، متغاضين عن سر الإيمان.

نبع إيماننا ونبع الليتورجية الإفخارستية هو حدث واحد: هبة الذات التي قام بها المسيح في السر الفصحي.

 
الجمال والليتورجيا

 
35. إن الربط بين السر الذي نؤمن به والذي نحتفل به تظهر بشكل خاص في قيمة الجمال اللاهويتة والليتورجية. لليتورجية في الواقع، كما لكل الوحي المسيحي، علاقة حميمية بالجمال: فهي تألق الحقيقة (veritatis splendor).

في الليتورجية يشع السر الفصحي الذي من خلاله يجذبنا المسيح إلى نفسه ويدعونا إلى الشركة.

في يسوع نتأمل – بحسب ما كان يردده القديس بونافنتورا – الجمال والتألق الأصلي (106).

هذه الخاصية التي نتحدث عنها ليست جمالية مجردة، بل سبيل تصل عبه حقيقة محبة الله في المسيح إلينا، فتسحرنا وتأخذنا، وتجعلنا نخرج من ذواتنا نحو دعوتنا الحقيقية: الحب (107).

فانطلاقًا من الخلق، يسمح لنا الله أن نشعر به من خلال جمال وتناغم الكون (راجع حك 13، 5؛ رو 1، 19- 20).

نجد في العهد القديم علامات كثيرة عن تألق قدرة الله التي تعتلن مع مجده من خلال المعجزات التي يقوم بها في وسط شعبه المختار (راجع خر 14؛ 16، 10؛ 24، 12- 18؛ عد 14، 20- 23).

في العهد الجديد يصل تجلي الجمال إلى ملئه في وحي الله في المسيح يسوع (108): فهو ملء ظهور المجد الإلهي. في تمجيد الابن يشع ويمتد مجد الآب (راجع يو 1، 14؛ 8، 54؛ 12، 28؛ 17، 1). ولكن هذا الجمال ليس مجرد تناغم أشكال؛ فـ “الأجمل بين بني البشر” (مز 45 [44]، 3) هو أيضًا بشكل غامض “لا صورَةَ لَه ولا بَهاءَ فنَنظُرَ إِلَيه” (أش 53، 2).

يبين لنا يسوع كيف أنه بامكان حقيقة الحب أن تلقي بالضوء على سر الموت المظلم فتجعله يتجلى بضوء القيامة الساطع.

هنا نرى أن إشعاع مجد الله يتخطى كل جمال دنيوي. الجمال الحقيقي هو محبة الله التي اعتلنت لنا بشكل نهائي في السر الفصحي.

جمال الليتورجيا هو جزء من هذا السر؛ هي تعبير سامٍ عن مجد الله، وتشكل، بطريقة ما، إطلالة السماء على الأرض. يحمل تذكار ذبيحة الفداء في طياته ملامح جمال يسوع الذي شهد له بطرس ويعقوب ويوحنا، عندما شاء الرب أن يتجلى أمامهم، وهم في الطريق إلى أورشليم (راجع مر 9، 2).

لذا فالجمال ليس عاملاً تزينيًا في العمل الليتورجي؛ بل هو عنصر أساسي، لأنه خاصية من خصائص الله ووحيه الإلهي.

كل هذا ينبغي أن يوعينا إلى عظم الانتباه الذي ينبغي أن نكرسه لكي ما يكون العمل الليتورجي مطابقًا لطبيعته الخاصة.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير