ميلانو، 7 يونيو 2007 (ZENIT.org) . – بعد عامين على انتخابه للسدة البطرسية ما زالت صورة الأب الأقدس تحتل مركز الاهتمام في المناقشات الأدبية و الحلقات الحوارية. وبمناسبة يوم التوجيه ، الذي عقد في اورينو بمقاطعة فيميركاتيه، أُلقيت محاضرة حول فكر و شخصية جوزيف راتزينغر” بنديكتوس السادس عشر ، الانسان. الايمان والعقل”، شارك فيها كل من البروفسور جاكومو ساميك لودوفيتشي- باحث في مادة الفلسفة الأدبية بالجامعة الكاثوليكية في ميلانو- والساندرا بورغزه – صحافية و مؤلفة كتاب بعنوان ” على خطى جوزيف راتسينغر”، وهو عبرة عن يوميات رحلة الى المواقع البفارية التى ترعرع فيه جوزيف راتسينغر، حبر المستقبل.
واستهل البروفسور لودفيتشي مداخلته شارحا: ” منذ حوالي نصف قرن، نلاحظ التأثير الشديد لمؤلفات اللاهوتي جوزيف راتسينغر على الفكر المسيحي. ويذكّر راتسينغر دائما ، في كتاباته حول مفهوم المسيحي لله، ببعدين أساسيين في الالوهية : الحب و العقل”.
وأضاف المحاضر : ” اعطت المسيحية للفكر الانساني قيمة مميزة، لانه من خلالها (اي المسيحية) يمكن استيضاح فكر الله، وهي تبشر بالعقيدة التي تعترف بعمل الله في الخليقة، وكيف يوجب على الانسان التصرف جيدا بالعطايا التي وهبنا أياها (راجع مثل الوزنات)”.
وتابع : ” ان معظم الديانات القديمة لم تعطِ أهمية كبرى لمعنى السر، وبعكس المسيحية التي تؤكد على أن هنالك أهمية قصوى لاكتشاف و معرفة العالم و المادة. إن ديانتنا ليست مشركة: من خلال تقديره جمال الكون يمكن للإنسان ان يقدّر عظمة الله، وهكذا عندما نثمّن لوحة ما، نعترف بعبقرية الفنان الذي رسمها”
” في شرحه للعلاقة بين الحب و العقل – على حد قول المحاضر- يوضح لنا بندكتس السادس عشر ، في رسالته الله محبة، كم ان الانسان مدعو كيما يوحد العقل والحب. فمن جهة يجب ان يكون الحب معقلّن ، ويجب العمل للحد من المبالغة في المشاعرية والاحاسيس، وفي الوقت عينه يجب ان نكون مستعدين لنبذ كل الاعمال الخاطئة مثل الاجهاض والموت الرحيم.
وتابع لودفتشي : ” من وجهة نظر البابا، هنالك علاقة قوية تجمع بين الايمان والعقل، الأمر الذي جعل من التطرف بالايمان أمراً غير مقبول، و كذلك الطلاق بين العقل والايمان او النظر المبالغ به في دور العلوم بإيجاد حلول لكل شيء”.
وشدد ” بحد ذاته يجب ان يكون الايمان معقلّن، وان يعمل على ان لا يعطي تبريرات للحرب المقدسة. و العقل بدوره يجب ان يساعد الايمان على تأكيد وجود الله، وعلى تقوية الايمان”.
وختم البرفسور مداخلته قائلا: ” البابا راتزينغر يحذرنا من المغالاة الفكرية التي تنسب الى العقل القدرات الخارقة، متناسية بذلك بأنها تنتمي الى عالم محدود. الايمان الضعيف يؤثر سلباً على الفكر. ويسبب في ما يسمى بالفكرة الضعيفة”.
ودارت مداخلة الساندرا بورغيزه حول كتابها الاخير وايضا حول رحلتها الى مسقط رأس جوزيف راتسينغر، التى تزامنت مع رحلة البابا الرعائية الى بافييرا، ومما قالته:
” يعتبر المونسنيور الساندرو ماجوليني ، بأن البابا راتسينغر ينتمي جوهرياً الى الفكر الاغسطيني ، فالقديس أغسطينوس قد اوضح دور العاطفة والدهشة في عمل العقل”.
وتابعت : ” إن زيارتي لموطن البابا ، جعلتني أثمِّن أكثر فأكثر شخص جوزيف راتسينغر. فمن خلال شهادات العديد من أصدقائه استطعت ان أجد مواد مهمة لكتابي عن حياة البابا بأبعادها الانسانية والروحية وجعلتني أفهم أين نشاً إيمان هذا الرجل القوي”.
وأضافت الكاتبة: ” ترعرع الشاب جوزيف وسط عائلة مؤمنة ومتضامنة، و في منطقة تميزت بتقواها الشعبية. وايام الحكم النازي وامام الحالة الصعبة التي حلت بالمانيا ، تمسكت العائلة راتسينغر بالصلاة كحصن منيع”.
وتابعت: “استطاعت الأم برقتها وانتباهها أن تربي أولادها الثلاثة، ماريا وجورج (وهو ايضا كاهن) وجوزيف، تربية دينية صلبة. ولذلك قد اعتبر دخول جوزيف الى الاكليريكية، اثناء حقبة اشتهرت بعدائها الى الكنيسة اضافة الى عدائها الى السامية، عملاً يحتاج الى الكثير من الشجاعة.
وحول الواقع الحالي لبافييرا اخبرت بورغيزه: ” ما زالت هذه المنطقة تتميز بكاثوليكية محافظة على التقاليد الشعبية المفعمة بالفرح والحيوية. الاحتفالات الليتورجية متنوعة وما زال الشبان يفتخرون بخدمة المذبح”.
” ونلاحظ في هذه المنطقة التزاماً كبيراً بالأعياد والاحتفالات، فمثلا يحتفل بعيد القديس شفيع الاسم اكثر من الاحتفال بذكرى الولادة. لذا ان يمكننا اعتبار انتماء راتسيغنر الى هذه المنطقة من العوامل التي أوصلته الى اعتلاء الكرسي الرسولي” على حد استنتاج الكاتبة.
” عرفنا الكاردينال راتسينغر كمفكر ومحافظ غير متهاون في امور العقيدة و ثباتها. ولكننا اكتشفنا بالبابا بتديكتوس السادس عشر ، معلم للايمان و يعرف ان يتحدث الى الاطفال وان يشرح لهم ، بكلمات سهلة، القيمة العظمى لسر التوبة”.
وعلقت الساندرا ” لدينا بابا لا يفرض على أحد الفكر المسيحي، ولكن يوصله بطريقة جدا واضحة، حتى ببعض ابعاده المعقدة. و مقارنة بالبابا يوحنا بولس الثاني، يعمل قداسته، ولو بوجود الحشود الكثيرة، الى تعميق الفكر المسيحي اكثر فاكثر حول بعض الابعاد الحساسة والمعقدة”.
ثم ختمت مداخلتها مردفة: ” أعتقد ان بلدنا ايطاليا ما زال متجذرا في الكاثوليكية – آخذين بعين الاعتبار الحشد الضخم في يوم العائلة- حتى ولو في بعض الاحيان لا يُ
فهم منطقنا ككاثوليكين في ايطاليا.