الفاتيكان، 5 يونيو 2007 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي العددين 36 و37 من القسم الثاني من الإرشاد الرسولي “سر المحبة” لقداسة الحبر الأعظم البابا بندكتس السادس عشر حول موضوع الافخارستيا مصدر وغاية حياة الكنيسة ورسالتها.
الاحتفال الافخارستي هو عمل “المسيح الكلي” (Christus totus)
المسيح الكلي في الرأس وفي الجسد (Christus totus in capite et in corpore)
36. إن موضوع جمال الليتورجية الضمني هو المسيح القائم والممجد بالروح القدس، والذي يتضمن الكنيسة في نشاطها (109).
من هذا المنظور، هناك غنىً عميق في ما قاله القديس أغسطينوس واصفًا بنجاح ديناميكية الإيمان الخاصة بالافخارستيا. فقديس هيبونا الكبير، بالحديث عن سر الافخارستيا، يبين أن المسيح نفسه يحولنا إلى ذاته: “هذا الخبز الذي ترون على المذبح، الذي تم تقديسه بكلمة الله، هو جسد المسيح. والكأس، أو بالحري ما تحويه الكأس، وقد قدسته كلمة الله هو دم المسيح. في هذه [الأعراض] أراد السيد المسيح أن يهبنا جسده ودمه، الذي أهرقه لأجلنا لأجل غفران الخطايا. إذا ما قبلتموهما باستحقاق، ستصبحون أنتم بالذات ما قد تناولتم” (110). فنحن “لم نصبح مسيحيين وحسب، بل أصبحنا المسيح بالذات” (111).
من هنا يمكننا أن نتأمل عمل الله السري الذي ينطوي على اتحاد عميق بيننا وبين الرب يسوع: “لا يجب أن نعتقد بأن المسيح هو في الرأس دون أن يكون في الجسد أيضًا، فهو بكليته في الرأس وفي الجسد” (112).
الافخارستيا والمسيح القائم
37. بما أن الليتورجية الافخارستية هي في جوهرها عمل الله (actio Dei) الذي يربطنا بالمسيح بواسطة الروح القدس، لذا فركيزتها ليست في متناول أهوائنا، ولا يمكننا أن نخضعها إلى الموضة السائدة. ففي هذا المجال تنطبق كلمات القديس بولس: “ما من أحد يستطيع أن يضع أساسًا غير الموضوع، يسوع المسيح” (1 كور 3، 1).
ويؤكد لنا رسول الأمم أنه، في ما يتعلق بالافخارستيا، لا ينقل لنا عقيدة خاصة به، بل ما تلقاه هو أيضًا بدوره (راجع 1 كور 11، 23).
الاحتفال بالافخارستيا يتضمن المرجعية إلى التقليد الحي. والكنيسة تحتفل بالذبيحة الافخارستية بالطاعة إلى المسيح، انطلاقًا من خبرة القائم ومن حلول الروح القدس.
لهذا السبب، لطالما اجتمعت الجماعة المسيحية منذ البدء، من أجل كسر الخبز (fractio panis) في يوم الرب.
اليوم الذي قام فيه الرب من بين الأموات، نهار الأحد، هو أيضًا أول نهار في الأسبوع، ذاك الذي كانت تقليد العهد القديم يرى فيه بدء الخليقة. يوم الخلق أصبح الآن يوم “الخلق الجديد”، يوم تحريرنا الذي نذكر فيه المسيح المائت والقائم (113).