1- إن مسيرة التجدد الطقسي المتواصلة في كنيستنا منذ عدة سنوات والتي تقودها اللجنة البطريركية للشؤون الطقسية ، قد حققت خطوات فعلية بارزة، ساهمت في مساعدة المؤمنين على المشاركة في الطقوس وفهمها وجني ثمارها الروحية، وعلى المحافظة على تراثهم الانطاكي السرياني الغني والفريد . وإضافة إلى ما أعادت اللجنة نشره حتى الآن من كتب طقسية ، سيظهر لها قريبا خمسة كتب جديدة هي رتبة التوبة ورتبة مسحة المرضى ونافور مار بطرس المعروف بشرر والارشادات الطقسية وكتاب التراتيل. وقد اطلع الآباء على ذلك بارتياح، وفصلوا في الامور التي عرضت عليهم تسهيلا لمتابعة العمل.
2- ثم أعاروا المدارس الاكليريكية ما تستحقه من اهتمام فأقروا شرعة التنشئة الكهنوتية التي أعدتها اللجنة الاسقفية المختصة مع إدارة مدرسة مار مارون البطريركية الاكليركية فـي غزير ، وهي تتضمن في نحو مائة صفحة ، كل ما له علاقة بإعداد طلاب الكهنوت لنيل هذا السر المقدس، وتعتبر المستند الاساسي لتنشئة الاكليريكيين الموارنة الموحدة والمتلائمة مع ما صدر في هذا الشأن عن الكرسي الرسولي . وأثنوا على تطور المبادرات الهادفة إلى إحياء الشدياقية والشماسية الدائمتين. ثم أطلعوا على التقارير المفصلة التي رفعتها إلى مجمعهم إدارات المدارس الاكليريكية كلها وهي :
مار مارون غزير، مار انطونيوس البادواني-كرمسده ، مار اغوسطينوس- عين سعاده، سيدة لبنان-واشنطن ، والمدرسة المارونية في روما. وشكروا الله على ما يعيشه القيمون على هذه المدارس وطلابها من غيرة على الدعوة الكهنوتية واستعداد للإنخراط في خدمة كلمة الله والكنيسة .
3- استعرض الآباء شؤونا روحية وإدارية وتدبيرية مختلفة متعلقة بالابرشيات في النطاق البطريركي وفي بلدان الانتشار. وتداولوا ، بنوع خاص، في مقتضيات الحياة الروحية ووحدة العائلة وعيش سر الزواج . وهم على ما لاحظوا من إيجابيات يحثون أبناءهم على المحافظة على تعلقهم بالكنيسة وعلى تأدية الشهادة الصادقة لإيمانهم أينما وجدوا . وتوقفوا عند ما تقوم به الكنيسة في مجال خدمة المحبة بواسطة المؤسسات التابعة لها ، واثنوا على هذه المؤسسات وعلى التنسيق الذي تم بينها وبين المؤسسات الاخرى برعاية الهيئة التنفيذية لمجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان، وقد نوهوا خاصة بما بذلته وتبذله كاريتاس من نشاط ملحوظ في خدمة المحتاجين والمتضررين في هذه الظروف، وحثوها كلها على متابعة رسالتها فيما حاجة المواطن تتفاقم والازمات المعيشية تشتد مع اشتداد التوتر الأمني وبقاء المشاكل بلا حلول.
ولمس المجتمعون الحاجة الدائمة إلى توثيق العرى بين المقيمين والمنتشرين من أبناء الكنيسة والوطن ، واطلعوا على واقع المؤسسة المارونية للإنتشار التي أنشأها صاحب الغبطة حديثا لسد هذه الحاجة ، وأبدوا تفاؤلهم بما تستعد للقيام به عمليا .
4- عرض مطران ابرشية مار مارون في اوستراليا ما تقوم به الكنيسة هناك بوجه عام والابرشية المارونية بوجه خاص، من استعدادات لاستقبال الايام العالمية للشباب، التي سيرأسها قداسة البابا في سيدني في تموز 2008. ورأى سيادته في هذه الاحتفالات فرصة لتحقيق لقاءات ناجحة هناك بين شبيبتنا الاسترالية والوافدة من بلدان مختلفة من شأنها ان تعزز بينهم الحوار والتفاهم وتكشف تطلعاتهم ونظرتهم إلى المستقبل، وتغذي انتماءهم الكنسي الواحد . وحث شبيبة لبنان على المشاركة بأعداد كبيرة .
5- يبدي الآباء قلقهم الشديد بسبب الاوضاع الامنية المتردية وما يتربص بهذا الوطن اذا لم يحسن أبناؤه تجنب ما يحاك لهم . وهم يشجبون التفجيرات المتنقلة والاعتداء المقصود على الجيش اللبناني الذي يستحق كل تأييد ، ويعزون بالضحايا التي سقطت ولا سيما منهم الآبرياء وشهداء الجيش والقوى الامنية، ويسألون لهم الرحمة وللجرحى الشفاء العاجل ويهيبون بالدولة ان تسارع إلى معالجة الوضع والتعويض عن الاضرار المادية.
غير ان ما يساعد على إخراج الوطن من محنته ، هو عمل المسؤولين معا على إعادة الحياة للمؤسسات الدستورية . وبعد ان انتهى التجاذب بشأن المحكمة ذات الطابع الدولي، أصبح من الضروري تأليف حكومة وحدة وطنية ذات برنامج متفق عليه ، والعمل معا على انتخاب رئيس للجمهورية في الموعد الدستوري مرحب به من أوسع شرائح المواطنين وقادر على التوحيد والتوفيق بين مختلف الفئات والتوجهات.
وازاء هذا الاختلاف بالرأي والموقف ، يحث الآباء أبناءهم الموارنة واخوانهم اللبنانيين عموما ، على توحيد الكلمة والصف ومقابلة الوضع الصعب بوحدة الارادة لإخراج البلد من ضيقه وإعادة ثقة المواطنين به .
6- إن المطارنة الموارنة في لبنان والنطاق البطريركي وبلدان الانتشار على حد سواء ، يتضامنون هم وأبناء أبرشياتهم مع لبنان في محنته. وهم لا يوفرون جهدا لدى المراجع الرسمية المعنية في بلدانهم في سبيل انقاذه. ويعلمون ان سلام لبنان وسلام كل من البلدان المجاورة واحد ، وان حل القضية العراقية والقضية الفلسطينية وما خلفتاه حلا عادلا هو مفتاح سلام الشرق الاوسط . ولا بد هنا من الاشارة إلى أن العمل على توطين الفلسطينيين في لبنان وتملكهم فيه الذي يظهر بين الحين والحين ، تارة بطريقة سافرة ، وتارة بطريقة مغلفة ، يعتبر فخا للقضاء على لبنان وعلى القضية الفلسطينية فيه. وإذا كانت كل الدول العربية تقبل به ، فإن لبنان ، نظرا لضيق مساحته وتركيبته السكانية ، يستحيل عليه القبول به ، وخاصة إن هذا التوطين قد يحمل
الجانب الأكبر من اللبنانيين على مغادرة بلدهم ، ولا تحل قضيةٌ شائكة بابتداع قضية اخرى أشد إيلاما من الاولى .
ومن واجب اللبنانيين ان يلتزموا بخدمة السلام الذي يتمنونه لهم ولبلدان المنطقة كافة. وهم يسألون الله ، بشفاعة سيدة لبنان ، ان يجود علينا وعلى بلداننا بنعمة الامن والاستقرار والسلام”.