الفاتيكان، 14 يونيو 2007 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي الأعداد 43، 44 و 45 من الإرشاد الرسولي “سر المحبة” لقداسة الحبر الأعظم بندكتس السادس عشر حول موضوع الافخارستيا مصدر وغاية حياة ورسالة الكنيسة.
* * *
بنية الاحتفال الافخارستي
43. بعد أن ذكرنا العناصر الأساسية في “فن الاحتفال” التي ظهرت خلال أعمال السينودس، أود أن استدعي الانتباه بشكل خاص إلى بعض عناصر بنية الاحتفال الافخارستي، التي تحتاج في زمننا الحالي إلى اهتمام خاص، لكي ما نبقى أمناء إلى الغاية العميقة القائمة وراء التجديد الليتورجي الذي أراده المجمع الفاتيكاني الثاني، بالأمانة لكامل التقليد الكنسي الكبير.
الوحدة الجوهرية في العمل الليتورجي
44. قبل كل شيء من الضروري التأمل بالوحدة الجوهرية لطقس القداس الإلهي. يجب أن نتحاشى، في التعليم وفي اشكال الاحتفال، إفساح المجال أمام رؤية ازدواجية لقسمي الطقس.
إن ليتورجية الكلمة وليتورجية الافخارستيا – بالإضافة إلى طقوس البدء والختام – “هي مرتبطة جوهريًا وتشكل عمل عبادة واحد” (132).
بالواقع، هناك رباط جوهري بين كلمة الله والافخارستيا. فبالاصغاء لكلمة الله يتولد الإيمان ويتقوى (راجع رو 10، 17)؛
في الافخارستيا، يمنح الكلمة المتجسد نفسه لنا كطعام روحي (133). وهكذا “من مائدتي كلمة الله وجسد المسيح، تنال الكنيسة وتمنح المؤمنين خبز الحياة” ( 134).
وعليه، يجب أن نعي دومًا أن كلمة الله، التي تقرأها الكنيسة وتعلنها في الليتورجية، إنما تقود إلى الافخارستيا كغايتها الطبيعية.
ليتورجية الكلمة
45. أطلب، مع السينودس، أن يتم دومًا تحضير وعيش ليتورجية الكلمة بشكل لائق. وعليه، أحض بإصرار أن يتم تكريس الاهتمام الكافي لكي تتم تلاوة كلمة الله من قبل قارئين حسني الاستعداد. لا ننسينّ أبدًا أنه “عندما نقرأ الأسفار المقدسة في الكنيسة، فهو الله نفسه الذي يخاطب شعبه، والمسيح، الحاضر في كلمته، هو الذي يعلن الإنجيل” (135).
وإذا كانت الفرصة سانحة، من الممكن التمهيد للقراءات ببعض الكلمات لمساعدة المؤمنين على وعيها بشكل متجدد.
فلكي تُفهم كلمة الله جيدًا، يجب أن يتم سماعها وقبولها بروح كنسي ووعيٍ لارتباطها الصميم بسر الافخارستيا.
بالواقع، إن الكلمة التي نعلنها والتي نسمعها هي الكلمة (اللوغوس) الصائر جسدًا (راجع يو 1، 14) وهي ترتبط بشكل جوهري بشخص المسيح وبحضوره الأسراري.
فالمسيح لا يتوجه بالكلام إلى الماضي بل إلى حاضرنا، تمامًا كما هو موجود في العمل الليتورجي.
في هذا الأفق الأسراري للوحي المسيحي (136)، تؤهلنا معرفة ودرس كلمة الله أن نقيّم الافخارستيا، وأن نحتفل بها ونعيشها بشكل أفضل. وهنا أيضًا نلمس بوضوح صحة القول: “جهل الكتب المقدسة هو جهل المسيح” (137).
لهذا، من الضروري مساعدة المؤمنين على تقدير كنوز الكتاب المقدس الموجودة في كتاب القراءات حق قدرها، من خلال مبادرات راعوية، واحتفالات بالكلمة والقراءة المصلية (القراءة الإلهية).
إضافة إلى ذلك، لا يجب أن ننسى أن نشجع أشكال الصلاة المشهود لها من التقليد: ليتورجية الساعات، وبالأخص التسابيح، وصلاة الغروب، وصلاة الستار، وسهرات الصلاة عشية الأعياد الكبرى.
بإمكان صلاة المزامير، والقراءات من الكتاب المقدس ومن التقليد الكبير الموجودة في كتاب صلاة الفرض أن تقود المؤمن إلى خبرة عميقة لحدث المسيح ولمشروع الخلاص، اللذين بدورهما يستطيعان إغناء الفهم والمشاركة في الاحتفال الافخارستي (138).