* * *
لقد رغبت بشدة أن التقي بكم في هذه الكاتدرائية القديمة، ومن الطبيعي أن يجمع لقاؤنا هذا الكنيسة الأبرشية حول الأسقف. بعد أن كنت وسط شعب الله بمختلف عناصره خلال الذبيحة الإلهية في بازيليك القديس فرنسيس، بدا لي مناسبا أن أخصكم بلقاء، آخذا بعين الاعتبار حضور المكرسين الكثيف في هذه الأبرشية . أشكر المونسنيور دومينيكو سورنتينو، راعي هذه الكنيسة، الذي عكس لي مشاعر عطفكم ومحبتكم. وأحيي أيضا الأسقف السابق المونسينيور سرجيو غوريتي الذي رعى لسنين عدّة هذه الكنيسة المفعمة بتاريخ من القداسة.
إذا كنا اليوم نتحدث عن ارتداد القديس فرنسيس، وفي تفكيرنا بجذرية حول نمط الحياة الذي اختاره وهو شاب لا يمكننا ان ننسى بان أول ارتداد له قد تم في عطية المعمودية.
الاستجابة الكبيرة التي قام بها قديسنا لم تكن سوى نضوج لبذرة القداسة الممنوحة في العماد. من المهم في حياتنا ، وفي اعمالنا الرعوية أن ندرك بكثير من الوعي الابعاد المعمدانية للقداسة، انها عطية ودعوة لكافة المعمدين. ومن هذا المنطلق استشهد بأقوال سلفي في رسالته."أطلالة الالف الثالث" الذي كتب " عندما تسألوا الموعوظ: أتريد تلقي سر العماد؟" يرمز في الوقت عينه" أتريد أن تصبح قديسًا؟"
علينا ان نساعد ملايين من الحجاج اللذين يسلوكون على خطى روحانية القديس فرنسيس، على قطف النواة الأساسية للحياة المسيحية والتوق الى قيتمها المتسامية التي هي بالضبط القداسة.لا يكفي ان يعجبوا بفرنسيس بل أن يعبروا من خلاله للقاء المسيح والاعتراف به ومحبته بايمان مستقيم ومحبة كاملة .
إن المسيحين في أيامنا هذه يميلون الى قبول مسيح منتقص ، مقبول بانسانيته الفائقة الطبيعة، لكنه مرذولا بعمق سرالوهيته، فرنسيس نفسه عانى هكذا عندما اختار ان يشهد للمسيح.
في أسيزي هناك حاجة اكثر من أي وقت مضى لخط رعائي رفيع المستوى. يجب عليكم لهذه الغاية، انتم الكهنة، والشمامسة ،والمكرسين ، ان تشعروا بأهمية العيش في ارض النعمة هذه. صحيح ان الكثير ممن مروا في هذه المدينة ، تلقوا حتى من أحجارها فقط وتاريخها رسالة مهمة. كل ذلك لا يغنينا عن فكرة روحية متينة تساعد ايضا على مواجهة مغريات الحياة
تساعدنا أسيزي على تذكير الأشخاص بدور الحوار الفعال بين الاديان والحضارات.
ربط يوحنا بولس الثاني اسمه بأيقونة أسيزي هذه، كمدينة حوار وسلام .
أنا أقدرلكم، بانكم رغبتم تكريم ذكره وصلته الخاصة بهذه المدينة، فخصصتم صالة على اسمه مع رسوم تمثله الى جنب هذه الكتدرائية.
كان من الواضح ليوحنا بولس الثاني أن دعوة أسيزي الحوارية مربوطة برسالة فرنسيس، ويجب أن تبقى مرتكزة على دعائم روحانيته. كان فرنسيس يعتبر كل جزء هو من الله ويعود اليه، هذا الثناء لله العلي يدل على نفس مرتفعة باستمرار في حوار مع الثالوث. تجد صلتها بالمسيح ملجأها الأكثر رمزية في الأفخارستيا.
عندما يذكر التقليد التاريخي زيارته للبرص وتاثيرها على ارتداده، تأكد أن الله يدفعه على عمل الرحمة. أن مختلف الشهادات عن سيرته وكأنها مسيرة تدريجية للانفتاح على الكلمة الآتية من فوق. فمثلا نراه ينطلق لطلب وتقديم الصدقات بدافع حب الله . نظرته على الطبيعة ، هي في الواقع تأمل للخالق في جمال مخلوقاته. حتى أن أمنيته بالسلام تتبلور كالصلاة التي أوحيت له كيف يسلم على الناس قائلا: ليمنحك الرب السلام.
فرنسيس هو رجل للآخرين، لأنه بكليته رجل الله..
أوجه دعوة لكم يا خدام الانجيل والمذبح، و لكم ايها المكرسين والمكرسات، لتنشيط اعلان الايمان المسيحي. لديكم تاريخ عظيم، و أرغب في التعبير عن مدى اعجابي بما تم انجازه سابقا.
اذا عدت اليوم الى اسيزي كاب أقدس فانتم تعلمون بانها ليست لمرة الأولى التي ازور فيها هذه المدينة، وكنت دائما احمل منها انطباعا جميلا .
على تراثكم الروحي والرعوي ان يبقى متينا بقيمه الأولى، وفي الوقت عينه ان يتجدد ليعطي جوابا أصيلا للتحديات العديدة. لذلك ارغب في تشجيعكم على سلوك الخطة الرعوية المقترحة من قبل اسقفكم بثقة تامة، هذا المخطط يدلكم على عظم المشاركة ، والمحبة ، ولرسالة السلام ، مؤكدا انها تنبع من جذور العودة الاصيلة الى يسوع من خلال القراءة الإلهية والافخارستيا،و صلاة الفرض المقدس ، والتأمل الأفخارستي و تلاوة الوردية، كل هذه الطرق تؤمّن جو من القوة الروحية ، بدونها تتعرض كافة نشاطاتنا الرعوية ، لأخطار شتى.
تشجعوا يا اعزائي ، لخدمة هذه المدينة وكنيستها ، فإن لاسيزي مودة خاصة في كل انحاء العالم. ارث فرنسيس و كلارا يتطلبا ن من هذه المدينة ان تتميز بدافع رسولي . لكن لتحقيق ذلك يجب ان تحيا هذه الكنيسة خبرة المشاركة والوحدة الفعالة و القوية.
هذا في الواقع ما حمل المجمع الفاتيكاني الثاني من مفهوم الكنيسة المحلية ، حين أظهر انها تعبر عن سر الكنيسة الجامعة
الواحدة والوحيدة . هناك دعوة داخلية متبادلة بين العام والخاص . الكنيسة المحلية من خلال عيشها هويتها كجزء من شعب الله تعبر عن مشاركة وخدمة للكنيسة الجامعة المنشرة في العالم، المدفوعة بواسطة الروح القدس و ورعاية خليفة بطرس.هذا الانفتاح الكاثوليكي ينتمي الى كل ابرشية ويطبع كافة ابعاد حياتها ، ولكنها تصبح أكثر فعالية عندما تتمتع الكنيسة بروحانية تجذبها وتحركها الى ابعد الحدود ، وكيف يمكننا الانكار بان هذه الروحانية العائدة للقديس فرنسيس ورسالته للحجاج اللذين يؤمون أسيزي يدفعون هذه الكنيسة ال
ى تخطي ذاتها . من ناحية أخرى من المؤكد ان فرنسيس كانت تربطه صلة مميزة بمدينته. أسيزي بطريقة ما تتحد مع طريق قداسة ابنها العظيم . يبرهن ذلك التردد اليومي للحجاج اللذين يزورون الكثير من الأماكن، أكيد ليس كلها التي ترتبط بحدث فرنسيس. يروقوني فيما بعد ان اؤكد ان روحانية فرنسيس الأسيزي تساعد على فهم مسكونية الكنيسة ، والذي يعبرعنه في تفانيه لنائب المسيح .
واردت ان أوكد من خلال الرسالة الحبرية مسبقا على اهمية فرصة المشاركة والتعاون والمحبة في العمل الراعوي.
ان الجماعات الكنسية في اسيزي ، وانطلاقا من روحانيتها مدعوة للمشاركة والتلاقي و العمل على تفادي العيش بجزر معزولة عن الاخرين.
أوجه لكم فكرة خاصة بكم يا اعزائي،الكهنة الملتزمين كل يوم ،ومعهم الشمامسة، في خدمة شعب الله. .إن اندفاعكم ، ومشاركتكم ، وحياة الصلاة التي تحيون ، وخدمتكم بكرم الرب، لا يمكن التخلي عنهم .
يمكن ان تلاقوا احيانا بعض التعب و الخوف في مواجهة التحديات والصعوبات العديدة . لكن يجب علينا ان نثق بان الرب يمنحنا القوة اللازمة لمواجهة كل شدة، وعلينا ان لا ننسى أهمية الصلاة من أجل الدعوات الكهنوتية والرهبانية والصلاة من أجلها .
كأشخاص مكرسين أنتم مدعون لكي تعطوا معنى لحياتكم وللأمل الذي وضعتم في المسيح. .
بالنسبة لهذه الكنيسة انت تشكلون غناً كبير ، سواء في مجال الخدمة الرعوية وسواء من خلال الخدمات التي تقدمونها للكثير من الحجاج .
فلا يمكن ان تعزلكم حياتكم الرهبانية عن نشاط الكنيسة الرسولي ، بل على العكس، تضعكم في قلبها . كلما كانت التحديات الرسولية كبيرة، كلما ازدادت الحاجة لروحانيتكم.
آمل ان تكونوا علامات محبة المسيح التي يمكن لباقي الإخوة النظراليها. لكم جميعا بركتي الرسولية. .
DERNIÈRES NOUVELLES
Jun 18, 2007 00:00