روما، 6 يناير 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم السادس من يناير للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
ما تعلّمه المجوس
ودخل المجوس البيت، فرأوا فيه الطفل. ظاهرياً، كانت رحلتهم قد وصلت إلى خاتمتها. ولكن في تلك اللحظة، بدأت رحلة جديدة بالنسبة إليهم كانت ستغيّر حياتهم من أساسها. ففي أعماقهم، وحي ٌيحثهم على المضي بحثاً عن البرّ الحق الذي يجد مصدره في الله وحده؛ فإذا بصوت فيهم يدعوهم إلى أن يخدموا هذا الملك المولود، ويجثوا أمامه ساجدين ويؤدوا دورهم في تجديد وجه الكون. كانوا من أولئك “الجياع والعطاش إلى البر” (متى 5: 6). وما فيهم من الجوع والعطش هو ما يحركهم ويدفعهم إلى الأمام في رحلة الحج التي ينطلقون فيها- فإذا بهم حجاج يجدّون في البحث عن البر المنتظر من الله… بيد أن الملك الجديد الذي كانوا يقدّمون له الطاعة والولاء كان مختلفاً تمام الإختلاف عمّا انتظاراتهم وتوقعاتهم. فأدركوا عندئذ أن الله ليس كما نتصوره عادةً. وهنا، بدأت رحلتهم الداخلية. لقد بدأت هذه الرحلة لحظة جثوا أمام هذا الطفل ساجدين واعترفوا بأنه الملك المنتظر. ولكن بقي عليهم أن يستوعبوا تعابير الإبتهاج هذه في صميمهم. بقي عليهم أن يبدلوا تصورهم للقوة والله والإنسان، وفي الوقت عينه، أن يتبدّلوا هم أنفسهم… بقي عليهم أن يتعلموا كيف يجودون بأنفسهم – فما من هدية دون ذلك تليق بهذا الملك-، وأن حياتهم يجب أن تتماثل وهذه الطريقة الإلهية في ممارسة السلطة وطريقة الله الخاصة في الكينونة. فيتحولون أبناء حق وبرّ وخير ومسامحة ورحمة… ويتساءلون: أنّى لي أن أخدم حضور الله في العالم؟ ويتعلمون كيف يخسرون حياتهم ليجدوها. وبعد أن تركوا أورشليم خلفهم، لهم ألا ينحرفوا عن الدرب الذي خطّه الملك الحقيقي، في المسيرة التي تقودهم إلى يسوع.
(ترجمة وكالة زينيت العالمية)