روما، 7 يناير 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم السابع من يناير للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
الرغبة العميقة عند المجوس
لماذا همّ المجوس وقطعوا كل هذه المسافة للذهاب إلى بيت لحم؟ الجواب مرتبط بسرّ “النجم” الذي رأوه طالعاً “من المشرق” والذي ألفوه نجم “الملك الذي ولد لليهود” أي علامة ولادة المسيح (متى 2:2). إذاً فإن رحلتهم نبعت من أمل كبير، ترسخه العزيمة منها النجمة وترشدها، تلك النجمة التي قادتهم إلى مَلك اليهود، إلى مُلك الله نفسه. لقد همّ المجوس لرغبة عميقة فيهم دفعتهم إلى أن يتركوا كل شيء وينطلقوا في رحلتهم. وكأنهم لطالما كانوا ينتظرون طلوع هذا التجم. وكأن الرحلة لطالما كان مقدّراً لهم القيام بها، وإذا بها تنطلق أخيراً. هذا هو سرّ نداء الله، وسرّ الدعوة التي هي جزء من حياة كل مسيحي… فعندما قدم المجوس إلى بيت لحم، دخلوا البيت فرأوا فيه الطفل وأمه مريم. فجثوا له ساجدين” (متى 2: 11). تلك كانت اللحظة التي طال انتظارها- لحظة التلاقي بيسوع. “ودخلوا البيت”: هذا البيت يمثل نوعاً ما الكنيسة. فللقاء المخلص، لا بدّ من دخول البيت، أي الكنيسة… “فجثوا له ساجدين… وأهدوا إليه ذهبا ً وبخوراً ومرّ اً” (متى 2: 11-12). هنا لحظة الذروة في الرحلة بأكملها، حيث يصبح اللقاء عبادةً ويتفجّر فعل إيمان ومحبة يعترف بأن يسوع، المولود من مريم، هو إبن الله المتأنس… فسرّ القداسة يكمن في الصداقة مع المسيح والطاعة الأمينة لإرادته.