روما، 11 يناير 2008(zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الحادي عشر من يناير للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
الإيمان وسيلة تلاقٍ
لا يعتبرنَّ أحد أنه بلغ من الإيمان الذروة والكمال. فالإيمان فعل مستمر ومتجدد في الحياة وفي المعاناة، كما وفي الأفراح العارمة التي يغمرنا الله بها. ليس الإيمان قطعة نقدية نضعها في الجيب وننساها… فجوهر الإيمان أنّي لستُ ألتقي بأمر تمّ اختراعه، بل في الإيمان ما يأتي لملاقاتي أكبر وأعظم من كل ما قد نمنّي النفس به… الإيمان المسيحي يحمل لنا التعزية بأن الله عظيم إلى حدّ أنه قبل بأن يصبح صغيراً. وهنا في الواقع تكمن في ناظريّ عظمة الله التي لا نتوقع والتي لم نكن لنتصوّرها من قبل، في أنه قادر على التنازل إلى مستوانا… وأنه يتخذ هو نفسه جسداً بشرياً ولا يكتفي بأن يتخفى فيه لكي يطرحه بعد حين جانباً ويأخذ حلّةً أخرى، بل أنه يصبح إبن الإنسان بحق. ففي هذا وحده نرى حقيقةً طبيعة الله الأزلية، فهذا الفعل يفوق كل الأمور الأخرى عظمةً وتصوراً، وهو أكثر خلاصاً منها جميعاً… فهذا الإله الذي له القدرة على إدراك المحبة إلى حدّ أن يصبح هو ذاته إنساناً، أن يصبح هو ذاته حاضراً بيننا يعرّفنا بذاته ويتماثل معنا، هذا الإله هو ما نحتاجه بالضبط لكي لا نحيا حتى النهاية مع أنصاف الحقائق والحقائق المجتزأة.