روما، 13 يناير 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الثالث عشر من يناير للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
الإيمان كزرع الحياة
يلجأ الرب يسوع إلى صورة حبة الخردل، باعتبارها أصغر الحبوب أو البزور، التي يخرج منها في النهاية شجرة يصنع في حناياها كل طيور الأرض أعشاشهم. وتدلّ حبة الخردل من جهة على الصغر – حيث أكون مُزدرىً- وفي الوقت عينه على الطاقة على النمو. وبذلك، فإن في صورة حبة الخردل تلك تصوير عميق للإيمان، حيث لا يُصَوَّر الإيمان كمجرد رضوخ لبعض الطروحات وحسب، بل تراه زرع الحياة الذي ينمو فيّ. وأنا أكون مؤمناً حقيقياً بقدر ما ينمو الإيمان فيّ زرعاً حياً، منه يتفتّق ما له أن يبدّل عالمي تبديلاً حقيقياً في ما بعد، وإذا هو بذلك يثمر جديداً في العالم أجمع… إن خبرة الحياة لا تصبح واضحةً في ناظريّ إلا متى سلّمتُ ذاتي حقيقةً لمشيئة الله، بقدر ما هو جعلني أدرك هذه المشيئة… فأحياناً، وبفضل سعة البصيرة تحديداً، التي تمكّننا من رؤية الكثير من ومضات المنطق الإلهي في الواقع، يضيف ذلك بالفعل الصورة التي تكوّنَت عندنا عن الله سعةً ونطاقاً، فنقف بحضرته بإجلال أكبر لا بل بتواضع وهيبة أكبر.