الفاتيكان، 16 يناير 2008 (zenit.org). – عن إذاعة الفاتيكان – غصت قاعة بولس السادس في الفاتيكان بآلاف المؤمنين والحجاج الذين أتوا لسماع تعليم البابا بندكتس الـ16 في مقابلته العامة المعتادة اليوم الأربعاء وصفقوا له كثيرا قبل أن يتابع حديثه الذي بدأه الأسبوع الفائت عن القديس أغسطينس أسقف هيبونا ويدعو الكنيسة جمعاء للصلاة بلا ملل من أجل وحدة المسيحيين.
وجه الأب القدس نداء حارا إلى الكنيسة كلها وأبنائها وبناتها كي “يصلوا ولا يملوا” (1 تسالونيكي 5/17) كما قال بولس الرسول، عشية بداية أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين في 18 من الجاري ولمناسبة الذكرى المئوية الأولى لانطلاقته: “أدعو بطيبة خاطر وأتوجه إلى الكنيسة كلها. أجل، إنه لضروري أن نصلي بلا ملل سائلين الرب بإلحاح نعمة الوحدة بين رسل الرب أجمعين. فلتحثنا قوة الروح القدس التي لا تنضب أبدا على الالتزام الصادق في البحث عن الوحدة، فنجاهرَ كلنا سوية أن يسوع هو مخلص العالم الأوحد”.
تابع بندكتس الـ16 تعليمه عن القديس أغسطينس مسلطا الضوء على السنين الأخيرة من حياته وشدد على دعوته الرعاة كي يبقوا إلى جانب رعاياهم في الأوقات الصعبة كما تصرف رعيل كبير من الكهنة عبر التاريخ. وذكر البابا أن أغسطينس وقبل أربعة أعوام من وفاته دعا رعيته إلى بازيليك السلام في هيبونا ليقدم لهم الكاهن هيراكليوس خليفة له على كرسي الأبرشية، فرحبت الجماعة موافقة وهاتفة: “الشكر للرب! المجد ليسوع المسيح”. فأعلن أغسطينس عن اعتزاله للتفرغ لدراسة الكتاب المقدس.
اتسمت حياة أغسطينس الفكرية بغزارة الإنتاج وأنهى تأليف العديد من الأعمال وقام بالدفاع العلني عن الإيمان المستقيم ضد المنشقين والهراطقة وتدخل أكثر مرة لتهدئة النفوس والأوضاع في الولايات الأفريقية أمام هجمات البرابرة ولأجل إحلال السلام وأكد أن “العنوان الأكبر هو قتل الحرب بالكلمة، بدل قتل الناس بحد السيف” ودعا “للدفاع عن السلام بالسلام”.
ولكن محاولات التهدئة باءت بالخيبة إذ اجتاحت قبائل الفاندال أفريقيا عام 429 وحاصرت هيبونا، ولم ينل شيء من عزم أغسطينس الشيخ بل شجع وحض الناس على التوكل على الله والتأمل والثقة بتدبير عنايته الإلهية مشددا على أن “لا شيء يحبط المسيحي، بل ليكرس جهده لمعونة الإخوة المحتاجين”. وتكلم على “شيخوخة العالم” مسطرا أن “يسوع المسيح في صبى متجدد”.
وقال بندكتس الـ16 أنه في كل مرة يقرأ للقديس أغسطينس يشعر أنه أمام “إنسان اليوم، صديق ومعاصر، يتكلم معي ومعنا، عبر إيمانه المنعش والراهن” وليس أمام رجل مر في التاريخ لستة عشر قرنا مضى. وختم يقول إن “حياة وأعمال أغسطينس لهي تعزية ونور لدربنا اليوم”.