(روبير شعيب)
روما، 29 يناير 2008 (ZENIT.org). – يبدو وكأن وسائل الإعلام تتخطى أحيانًا دورها فتزعم، بدل الاقتصار على كشف الوقائع بل تقريرها، مرتكزةً على قوة وقدرة التأثير التي تتمتع بها، هذا ما صرح به بندكتس السادس عشر في رسالته لليوم العالمي الثاني والأربعين لوسائل الإعلام الذي سيحتفل به في 4 مايو المقبل، بعنوان: “وسائل الإعلام الاجتماعية بين الريادة والخدمة. البحث عن الحقيقة لتقاسمها”.
وعلق البابا على هذا “التحول في دور وسائل الإعلام” واصفًا إياه بالـ “خطير”، وهو أمر يولد القلق لدى الرعاة، لأنه يرتبط “بوقائع تؤثر بعمق على مختلف أبعاد الحياة الإنسانية (الخلقية، الفكرية، الدينية، العلائقية، العاطفية، والثقافية).
وسلط الأب الأقدس الضوء على هذه الحقيقة: “ما كل ما هو ممكن تقنيًا، يمكن تطبيقه خلقيًا”، لافتًا إلى أن “وقع وسائل الإتصال على حياة الإنسان المعاصر تطرح أسئلة لا يمكن تحاشيها، وهي تتطلب خيارات وأجوبة لا يمكن تأجيلها”.
وبما أن وسائل الإعلام باتت تلعب دورًا متكاملاً مع المسألة الأنتروبولجية، فهي تطرح نفسها “كتحدٍ حاسم في الألفية الثالثة”.
وأضاف محذرًا: “عندما تفقد وسائل الإعلام الركائز الخلقية وتتجاوز الرقابة الاجتماعية، يؤدي بها الأمر إلى إهمال محورية وكرامة الشخص البشري”، وتتعرض لخطر التأثير سلبيًا على ضميره، وخياراته، مؤثرة بالتالي بشكل حاسم على حرية الشخص البشري وحياته عينها.
لهذا السبب من الضرورة بمكان أن “تدافع وسائل الإتصال الاجتماعية بغيرة كبيرة عن الشخص البشري وتحترم كرامته بالكلية.
وأشار البابا إلى أن الكثيرين يشعرون بضرورة ” الإعلام الأخلاقي” تمامًا كما توجد البيوأخلاقيات في الحقل الطبي والبحث العلمي وتتعلق بالحياة.
“يجب أن نحرص على ألا تصبح وسائل الاتصال الاجتماعي مكبرًا لصوت المادية الاقتصادية والنسبية الخلقية، التي تشكل طاعون عصرنا الحقيقي. فوسائل الإعلام تستطيع أن تساعد المرء في معرفة الحقيقة، وحمايتها بوجه من يسعى إلى إنكارها أو إلى تدميرها”.
“تقود وسائل الاتصال والإعلام الجديدة والهاتف والانترنت بشكل خاص بتغيير وجه الاتصال عينه، وربما هذه هي الفرصة المؤاتية لإعادة رسم هذا الوجه، لجعله مرئيًا بشكل أفضل”.
ثم تحدث الأب الأقدس عن عطش الإنسان العميق إلى الحقيقة بالقول: “يعطش الإنسان للحقيقة ويبحث عنها”؛ والبرهان على ذلك هو الانتباه الذي تحوزه البرامج ذات النوعية حيث “يتم الاعتراف بجمال وعظمة الشخص البشري، مع بعده الديني”.
وتابع بالقول: “لقد قال يسوع: ‘تعرفون الحق والحق يحررك‘ (يو 8، 32). المسيح هو الحقيقة التي تحررنا، لأنه هو وحدة يستطيع أن يجيب بالكامل على العطش إلى الحياة والحب الكامن في قلب الإنسان. من التقى بالمسيح، وانجذب إلى رسالته يختبر الشوق الذي لا يمكن اخماده لمشاركة هذه الحقيقة ونشرها. يكتب القديس يوحنا في هذا الصدد: “ذاك الَّذي كانَ مُنذُ البَدْء ذاك الَّذي سَمِعناه ذاك الَّذي رَأَيناهُ بِعَينَينا ذاكَ الَّذي تَأَمَّلناه ولَمَسَتْه يَدانا مِن كَلِمَةِ الحَياة, […] نَشهَد ونُبَشِّرُكمِ بِتلكَ الحَياةِ الأَبدِيَّةِ الَّتي كانَت لَدى الآب فتَجلَّت لَنا ذاكَ الَّذي رَأَيناه وسَمِعناه ,نُبَشِّرُكم بِه أَنتم أَيضًا لِتَكونَ لَكَم أَيضًا مُشاركَةٌ معَنا ومُشاركتُنا هي مُشاركةٌ لِلآب ولاَبنِه يسوعَ المسيح. 4 وإِنَّنا نَكُتبُ إِلَيكم بِذلِك لِيَكونَ فَرَحُنا تامًّا” (1 يو 1، 1 – 3).