روما، الأربعاء، 2 أبريل 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الثاني من أبريل للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
* * *
محاكاة يسوع
إن الدعوة إلى المحاكاة لا ترتبط بأجندة بشرية أو بفضائل يسوع البشرية وحسب، بل بكامل مسيرته التي فتحها لنا “في الحجاب” (عب 10: 20). فالأساس والجديد في مسار يسوع المسيح هو أنه يفتح هذا المسار لنا، لأنه بهذه الطريقة وحدها نخرج إلى العلن، إلى الحرية. والمحاكاة تعني التحرك باتجاه الشركة الإلهية، ولهذا السبب فهي مرتبطة بسرّ الفصح. ولهذا السبب فإن يسوع يقول في اتّباعه بُعَيد إعلان بطرس إيمانه: “من أراد أن يتبعني، فليزهد بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني” (مر 8: 34). وليس في ذلك توجيه أخلاقي ضيّق ينظر إلى الحياة بشكل أساسي نظرة سلبية ولا هو نوع من الماسوشية موجَه إلى من لا يحبّون أنفسهم. كذلك فإننا لا نرصد المعنى الحقيقي لكلمات يسوع إن فهمناها على خلاف ما هي عليه، كتوجيه أخلاقي للنفوس الشديدة المصممة على الشهادة. بل يجب فهم كلام يسوع إنطلاقاً من السياق الفصحي الواسع للخروج الكامل الذي يحدث “عبر الحجاب”. فمن هذه الغاية تكتسب حكمة البشر الدُهرية كل معناها – أن وحده الذي يفقد حياته يجدها، ووحده من يعطي الحياة تُعطى له (مر 8: 35)… “ويكمن مشروع الله وفادينا للبشر في دعوتهم من المنفى واسترجاعهم من الغربة التي وقعوا فيها جرّاء معاصيهم”… ومن أجل كمال الحياة، لا بدّ من محاكاة المسيح، لا من ناحية ما أظهر من وداعة وصبر في حياته، وإنما على صعيد موته أيضاً.