الثامن عشر من أبريل

روما، الجمعة 18 أبريل 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الثامن عشر من أبريل للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".

موت المسيح صلاةً

لقد حوّل يسوع المسيح موته إلى إطار لفظي- إلى صلاة- فبدّل العالم بفعله هذا. فأصبح هذا الموت قادراً على أن يكون حاضراً لنا، إذ إنه يستمرّ في الصلاة، ومن خلال الصلاة ينتقل عبر العصور... ولأن يسوع حوّل الموت شهادة شكران ومحبة، فقد أصبح اليوم حاضراً على مرّ القرون كينبوع حياة، وأصبحنا قادرين على ولوج الموت من خلال الصلاة مع يسوع. فهو يجمع، إن صحّ التعبير، فُتات عذابنا ومحبتنا ورجائنا وانتظارنا الهزيل في هذه الصلاة، في فيض عظيم تشاركه فيه حياته، بحيث نشارك حقيقةً في التضحية. لا يقف المسيح وحيداً إزاءنا. لقد كان وحيداً في ساعة موته، كحبّة الحنطة، ولكنه لا يقوم وحده من الموت بل كسنبل قمح كامل، مع شركة القديسين. ومنذ لحظة القيامة، لم يعد المسيح وحيداً بل هو على الدوام وبكلّيّته منفتح علينا أجمعين... وما عظمة ما أنجزه المسيح بالتحديد إلا في عدم بقائه شخصاً آخر، في مواجهتنا، يعمل مرة جديدةً على نفينا في دور سلبي محض؛ وهو لا يتحمّلنا بأناة، بل هو يرفعنا ويتماثل معنا إلى حدّ أن تصير آثامنا عليه ويتوحّد لاهوته بناسوتنا: لقد قبلنا حقاً ورفعنا كيما نصبح أنفسنا ناشطين بدعمه وإلى جانبه، ونتعاون وننضمّ إلى التضحية التي قام بها، ونشارك بدورنا في هذا السرّ. وعليه، يمكن لحياتنا وآلامنا، وآمالنا ومحبّتنا أن تثمر جميعها في الجنان الجديد الذي منَحَناه.