أنطلياس، الثلاثاء 1 أبريل 2008 (Zenit.org). - " محورية الكتاب المقدس في حياة الكنيسة ورسالتها " كان موضوع لقاء عام لممثلين عن الأبرشيات والرهبانيات وكليات اللاهوت ومعاهد التنشئة الدينية والحركات الرسولية والمدارس وإعلاميين ووسائل إعلام في لبنان السبت 29 آذار 2008 في جامعة الروح القدس- الكسليك.
حضر اللقاء، أكثر من مئتي ممثل عن هذه المؤسسات، الذي ترأسه رئيس لجنة مواكبة أعمال سينودس الأساقفة لكلمة الله، المطران جي بولس نجيم وأعضاء اللجنة.
حاضر في اللقاء القس عيسى دياب ممثلاً الكنيسة الإنجيلية عن " كلمة الله عند شعب العهد القديم وفي العصر المسيحي الباكر " والدكتور نقولا أبو مراد ممثل الكنيسة الأورثوذكسية عن " الكتاب المقدس والكنيسة " كما حاضر الأب أيوب شهوان ممثل الكنيسة الكاثوليكية عن " محورية كلام الله في رسالة الكنيسة ".
ممّا جاء في كلمة المطران جي بولس نجيم: " لذا، وبعدما استشار العديد من المؤمنين، قرّر قداسة البابا بندكتس السادس عشر، الدعوة إلى سينودس عام في تشرين الأوّل المقبل ليتباحثوا معاً حول موضوع "كلام الله في حياة الكنيسة ورسالتها". وسوف ينكب هذا السينودس لا على دراسة علميّة للكتاب المقدّس ولكن، قبل كلّ شيء، على كيفيّة إيصاله إلى المؤمنين وسائر الناس، على حقيقته، ليتغذوا منه ويحيوا. فالدراسات العلميّة للكتاب المقدّس أصبحت، وافية: كيف أُلّف، ومتى، وأين، وما هي أبعاد الصور والكلمات والصيغ التي استُعملت فيه، إلخ... والأبحاث الدقيقة متواصلة ويجب ألاّ تتوقّف... ولكنّ معرفتَها محصورة في الأوساط المتخصّصة، في كلّيّات اللاهوت وبين طلاّبها. ونتائجها لم تصل، كما هو المفروض، إلى الجميع ".
وأضاف: " وها نحن اليوم نلتقي لمواصلة المسيرة التحضيريّة وهدفنا التباحث سويّاً لإيجاد أساليب العمل التي من شأنها أن تحثّ المؤمنين في الأبرشيّات والأديرة والمؤسّسات والحركات على الاهتمام بالحدث وعلى حبّ الاطّلاع على تطوّراته ونتائجه من أجل، أخيراً، إحياء التوق في النفوس إلى الاصغاء إلى كلام الله في كتابه المقدّس والتمرّس عليه، خصوصاً أنّنا، في الاجمال، نفتقد إلى معرفة كلمة الله وعيشها على المستويات كافة، الروحيّة والاجتماعيّة والسياسيّة، إلخ... "
القس عيسى دياب شدّد على كلمة الله وأبعادها عند شعب العهد القديم، الكلمة وسيلة إعلان الله وحضوره وعمله، الكلمة وسيلة شهادة، كلام الله" في الكرازة النبوية، كلام الله في الشريعة، تطور مفهوم "كلمة الله" في حقبة ما بين العهدين. وفي الختام أشار إلى " دراسة "كلمة الله في العهد القديم وفي المسيحية الباكرة التي أبرزت وجود نوعين من التوتر: توتر بين العقلانية والتصوير في إعلان كلمة الله. لقد شدد الأنبياء الأولون على "العقلانية" في الإعلان الكلامي، وأدخل الأنبياء المتأخرون الرؤى والتصوير الرمزي على الإعلان الكلامي. لقد تجسد هذا النوع من التوتر أيضاً بتوتر بين "الكهانة" والنبوة، أو بتدقيق أكثر، بين الحفاظ على شكل الممارسة الدينية أو الشريعة فقط، والمنادين بضرورة عيش الشريعة أو الممارسة الدينية على المستوى الخلقي. وهذا تحد يواجه كل المتعاملين مع الليتورجيا والكتاب المقدس ".
وممّا قال الدكتور نقولا أبو مراد : " في تقديري إنّ ما سلف يعبّر بعمق عن مكانة الكتاب في الكنيسة منذ العصور الأولى. وذلك لأنّ جماعة المؤمنين تجد نفسها تتشكّل على أسس الكتاب، كتاب الله. وهذا ما يأتي واضحًا عند الرسول بولس الذي يشدّد لتيموثاوس أنّ "كل الكتاب موحى به من الله وهو للتعليم والتوبيخ والتقويم والتأديب الذي في البرّ لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهّبًا لكلّ عمل صالح" (2 تيم 16-17). بعد ذلك يدعوه بولس أسقفه الشابّ إلى الوعظ بكلمة الله بمناسبة أو غير مناسبة، فسيأتي وقت لن يطيق فيه الناس سماع التعليم الصحيح بسبب شهواتهم. لا نعجبنّ من ذلك إذ هكذا تبقى الكلمة ديّانة جالسة على العرش. في غلاطية يخطّ الرسول "إنجيل المسيح الواحد" غير المحرّف ليصير خطّا فاصلاّ ما بين الذين يؤمنون والمبسولين إلى خارج بسبب تعليمهم الخاطئ. في نهاية الرسالة يعلن بولس أنّ ما كتبه إنّما هو قانون "سلام ورحمة على الذي يسلكون بحسبه" (غل 6: 16). هنا وثمّة في رسائله يوصي الرسول بأنّ تقرأ رسائله أمام الجماعة أو على الكنيسة، وكأنّه يعي تمامًا أنّ ما دوّنه من كلمات تصنع هذه الجماعة وتحوّلها من كتلة أناس مشدودين إلى شهواتهم إلى ساعين لامتلاك روح الله المحيي ".
وتحدث الأب أيوب شهوان عن الكنيسةُ التي تكرز بالكلمة، وشدّد على كلام الله أن يكون في متناول الجميع وفي كلِّ زمان ومكان، كلام الله نعمة مشاركة بين المسيحيّين، كلام الله ينوّر طريقنا إلى لقاء غير المسيحيين، بكلام الله نلتقي الشعب اليهوديّ، وبكلام الله نلتقي المسلمين، وبكلام الله نلتقي الثقافات المختلفة.
وبعد المحاضرة الأولى توزّع المشاركون على تسعة حلقات حوار موضوعها كلمة الله وصداها في الحياة الرهبانية وفي العائلات وفي المدارس والجامعات وفي كليات التنشئة ومعاهد اللاهوت وفي الرعايا وفي الإعلام.
ثم كان لقاء ثانٍ عرض فيه رؤساء ومقرّرو الحلقات نتائج المناقشات والتوصيات التي ستُعلن في بيان لاحق لتُرفع في روما من قبل اللجنة المختصة في لبنان لتضاف إلى اقتراحات سائر أبناء الكنيسة في العالم.
وفي نهاية اللقاء التقى الجميع بضيافة جامعة الروح القدس- الكسليك لتقاسم الخبز.