روما، الثلاثاء 8 أبريل 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الثامن من أبريل للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
* * *
النور والميلاد والفصح
في الليلتين المقدستين الكبريين في الليتورجيا الكنسية، ليلتي الميلاد والفصح، تقترن رمزية النور برمزية الليل. وفي كلتا المناسبتين، تلجأ الكنيسة إلى تفاعل الليل والنور لتبيّن بطريقة رمزية ماهية مضمون كل من العيدين، ألا وهو لقاء الله بالعالم ودخول الله المنتصر إلى عالم يرفض إفساح المجال له ولكنه يفشل في نهاية الأمر في منعه من أخذه. إن حدث تلاقي النور والظلمة، والله والعالم هذا المتمحور حول المسيح يبدأ في الميلاد عندما يدقّ الله باب عالم يرفضه مع أنه ملك له (يو 1: 5، 11). ولكن لا يمكن العالم أن يمنع مجيئه. وهو نفسه يصبح من العالم بتأنسه. ويبدو مجيئه هزيمة للنور الذي يستحيل ظلمةً، ولكنه في آنٍ معاً أوّل انتصار خفيّ للنور، بما أن العالم لم يستطع الحؤول دون هذا القدوم، مهما أوصد أبواب دخوله إليه بعناية. أما في الفصح فتبلغ الأحداث مرحلتها الأساسية وذروتها. لقد استنفذت الظلمة آخر أسلحتها: الموت… ولكن القيامة تُحدِث الإنقلاب الأكبر للموازين. ها إن الغلبة تكون حليف النور الذي يحيا من الآن وصاعداً لا يُقهر ولا يُغلَب… لقد جعل قسماً من العالم خاصّته وحوّله إلى نفسه. وطبعاً، لا تنتهي الأحداث ههنا، فما زلنا بانتظار النهاية؛ وهي ستحلّ مع مجيء الرب الثاني. أما الآن، فالظلمة مستمرة، ولكنه ليل أُضيء فيه نور. وحين يعود الرب ثانيةً، سيبزغ الفجر إلى الأبد.