بندكتس السادس عشر يحض الأمم المتحدة على مناهضة النسبية

Share this Entry

بقلم روبير شعيب

 نيويورك، الجمعة 18 أبريل 2008 (Zenit.org). – “تجد الحقوق الإنسانية ركيزتها في القانون الطبيعي المكتوب في قلب الإنسان والحاضر في مختلف الثقافات والحضارات” و “فصل هذه الحقوق عن هذا الإطار يعني أن نحجّم تأثيرها وأن نستسلم لمفهوم نسبي، يمكن بموجبه تغيير معنى الحقوق وتأويلها”، وأيضًا “تعزيز الحقوق الإنسانية يبقى الإستراتيجية الأكثر فعالية لإزالة اللامساواة بين الدول والفئات الاجتماعية، ولزيادة الأمن”.

 بهذه الكلمات عبّر بندكتس السادس عشر، في خطابه في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، عن خطر النسبية الداهم الذي يؤدي إلى اعتبار قيم سامية كالحياة البشرية والكرامة الإنسانية كآراء يمكن تعديلها وإعادة النظر فيها غالبًا انطلاقًا من مصالح جد مادية وخاصة.

 وقال البابا مذكرًا بنشأة الأمم المتحدة: “تزامن تأسيس الأمم المتحدة، كما نعرف جيدًا، مع تغيرات عميقة عانت منها البشرية عندما تم التخلي عن مرجعية المطلق والعقل الطبيعي الأمر الذي أدى إلى انتهاك فادح للحرية والكرامة الإنسانية”.

 وأضاف: “في هذه الأجواء، تتعرض للخطر الركائز الموضوعية للقيم التي توحي بالنظام الدولي وتنظمه، الأمر الذي يهدد المبادئ الثابتة والملزمة التي سنتها الأمم المتحدة. في وجه تحديات تتكرر من جديد، من الخطأ الانكفاء إلى مقاربة عملانية، تكتفي بوضع “ركائز مشتركة”، شحيحة المضمون وضعيفة التأثير”.

 كما وذكر أن هذه السنة تصادف الذكرى الستين لإعلان شرعة حقوق الإنسان العالمية. وقال بشأن هذه الشرعة: “كانت هذه الوثيقة ثمرة لقاء مختلف التقاليد الثقافية والدينية، وقد حركها جميعَها توقٌ مشترك إلى وضع الشخص البشري في صلب المؤسسات، والقوانين وأعمال المجتمعات، واعتباره كجوهري في عالم الثقافة والدين والعلم”.

 وأضاف: “يتم تقديم حقوق الإنسان أكثر فأكثر كاللغة المشتركة والركيزة الخلقية للعلاقات الدولية. في الوقت عينه، تفيد شمولية وتماسك وترابط حقوق الإنسان كضمانة لحماية الكرامة البشرية. ولكن من الواضح أن الحقوق المعترف بها والمعروضة في الشرعة تنطبق على الإنسان بكليته، وهذا بفضل الأصل المشترك للبشر، الذي يبقى النقطة المحورية في مشروع خلق الله للعالم وللتاريخ”.

 وشدد أن هذه الحقوق تجد ركيزتها في “القانون الطبيعي المكتوب في قلب الإنسان” و “الحاضر في مختلف الثقافات والحضارات” محذرًا من أن “فصل هذه الحقوق عن هذا الإطار يعني أن نحجّم تأثيرها وأن نستسلم لمفهوم نسبي، يمكن بموجبه تغيير معنى الحقوق وتأويلها، ويمكن نفي شموليتها باسم اختلاف المفاهيم الثقافية، السياسية، الاجتماعية وحتى الدينية”.

 وأوضح أن “التنوع الشاسع في وجهات النظر” لا يجب أن يكون داعيًا لنسيان أن “ليست الحقوق وحدها شاملة، بل بالمقدار عينه الشخص البشري أيضًا، الذي هو موضوع هذه الحقوق”.

 ثم أضاف قائلاً أن “تعزيز الحقوق الإنسانية يبقى الإستراتيجية الأكثر فعالية لإزالة اللامساواة بين الدول والفئات الاجتماعية، ولزيادة الأمن” وشرح بالقول: “بالواقع، إن ضحايا الصعوبات واليأس، الذين تتعرض كرامتهم البشرية إلى الانتهاك دون عقاب للمتعدي، يضحون فريسة سهلة للدعوة إلى العنف، ويمكنهم أن يضحوا معتدين على السلام”.

 وتابع أخيرًا بالقول: “إن فضل الشرعة العالمية هو أنها مكّنت الثقافات المختلفة والتعابير القانونية والنماذج المؤسساتية من التلاقي حول نواة أساسية من القيم، وبالتالي من الحقوق. إلا أنه من الضروري اليوم مضاعفة الجهود في وجه الضغوط الرامية إلى إعادة تأويل أسس الشرعة وإلى زعزعة وحدتها الداخلية بغية تسهيل الابتعاد عن حماية الكرامة البشرية من أجل إشباع بعض المصالح البسيطة، والتي غالبًا ما تكون مصالح خاصة. لقد تم اعتناق الشرعة كـ “معيار مشترك للتطبيق” (المقدمة) ولا يمكن تطبيقها بشكل مجزوء، انطلاقًا من نزعات أو خيارات اعتباطية قد تناقض وحدة الشخص البشري وبالتالي تماسك الحقوق الإنسانية”.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير