التاسع عشر من أبريل
روما، السبت 19 أبريل 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم التاسع عشر من أبريل للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
مياه الفصح
تمثّل المياه كل ما هو ثمين ونفيس على وجه الأرض. ومن خَبرَ العطش في يوم من الأيام يعرف حقيقة ذلك… لهذا السبب بالذات توقظ المياه فينا الحنين إلى الجنّة والخصوبة. ومرة جديدة، إن نقيض كل ذلك هو ما يخوّلنا أن نفهم على أكمل وجه روعة المياه وأهميتها. فقذارة النهار ووطأته يمّحيان حين نغتسل ونستحمّ فنخرج وضّائين جدداً كالمولودين الجدد… وما صليب المسيح سوى أقصى حدود تضحيته بذاته، قل ذروة الإستسلام حيث لا يتردد في بذل أي شيء، ولا حتى ذاته، بل تراه يسكب نفسه كلياً للآخرين. على الصليب إذاً فُضَّ الينبوع العجيب بحق الذي يتفجّر بذل ذات مطلق ومحبة حتى تقديم الذات من أجل الله. وتكمن كل قيمة المياه التي لا تُقدَّر بثمن فيها: إذ لها القدرة على التنظيف والخصوبة وكل ما من شأنه أن ينعش ويبهج ويقوّي. وفي العماد، يتدفق هذا النبع من صليب المسيح في الكنيسة جمعاء مثل تيّار عظيم فـ”يُفرح مدينة الله” (مز 46: 5). إنّا نستحمّ في هذا التيار فنولد مجدداً. فهو وحده يحوّل وحشة العالم إلى أرض خصبة؛ فحيث يكون البغض والأنانية، هناك تكون الوحشة، وحين يعمل روح المحبة حقاً يقوم ما هو بنّاء بحق. علينا ألا ننسى يوماً أن أثمن نبع في العالم يفيض من الصليب ومن الموت، أو بالأحرى من بذل الذات إلى أقصى الحدود.