الثامن والعشرون من أبريل
روما، الاثنين 28 أبريل 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الثامن والعشرين من أبريل للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
المسيح، الراعي الصالح
إذا كانت “التضحية” في أساسها تعني مجرد عودة إلى الحبّ وهي بالتالي مرادف للتأليه، فقد أصبحت العبادة اليوم تنطوي على ناحية جديدة ألا وهي دمل جراح الحرية المجروحة والتكفير والتطهير والإعتاق من الغربة. إن جوهر العبادة والتضحية –أي عملية الإستيعاب والنمو في الحبّ وعليه، السبيل إلى الحرية- لم يتغيّر. ولكنه اليوم أصبح يفترض ناحية الشفاء وتحول الحرية المكسورة وتكفير الذنوب المؤلم من خلال المحبة. إن العبادة تتوجه إلى “الآخر” بذاته، إلى أنانيته، ولكنها اليوم صارت مرتبطة بهذا الآخر الذي وحده يقدر على أن يحرّرني من القيد الذي لا يمكنني حلّه بمفردي. إن الفداء يحتاج اليوم إلى الفادي. وقد رأى آباء الكنيسة تجسيد ذلك في مثل الخروف الضال ورأوا في الخروف العالق في الأيكة الشائكة والعاجز عن إيجاد طريقه كناية عن الإنسان عموماً الذي لا يستطيع أن يخرج من الأجمة ويجد طريق العودة إلى الله. والراعي الذي ينقذه ويردّه إلى حظيرته هو الـ”لوغوس” نفسه، الكلمة الأزلية، المعنى الأزلي للكون الكائن في الإبن. هو من يأتي للقائنا ويحمل الخروف على كتفيه، أي إنه يأخذ الطبيعة البشرية على عاتقه، وكإله متأنس يحمل البشرية المخلوقة إلى الله. ها هو الإنسان يُعطى إمكانية العودة إلى بيت أبيه. ولكن التضحية أصبحت اليوم تتجسد في صليب المسيح، هذا الحب الذي بموته يبذل ذاته لأجلنا. ولا شأن لهذه التضحية بالدمار. إنها فعل خلق جديد، بل إعادة الخلق إلى ما كان عليه في الأصل. وكل عبادة هي اليوم مشاركة في “فصح” المسيح، في عبوره من الطبيعة الإلهية إلى الطبيعة البشرية، من الموت إلى الحياة، إلى اتحاد الله والإنسان.