السادس من مايو
روما، الثلاثاء 6 مايو2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم السادس من مايو للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
مريم، التربة المقدسة
لقد نَفَذَ “كلمة الله” الأرض حقًا وصار لنا خبزًا. هو البذر، الجواب المثمر الذي مَدَّ من خلاله كلام الله جذوره في هذا العالم. يشكل إطار هذا الوعد الأرضية المثلى للمس سر المسيح واكتشاف ارتباطه الحميم بسر مريم. عندما يقول النص أن الكلمة، أو الحَب، يحمل ثمرًا، يعني عمليًا أن الحَب يغرق في الأرض، ويتشرب قوى الأرض ويحوِّل الأرض إلى ثمر. لا تبقى حبة الحنطة مفردة لأنها تتضمن سر التربة الأمومية – مريم، تربة الكنيسة المقدسة، هي جزء جوهري من المسيح . سر مريم يعني بالتحديد أن “كلمة الله” لا يبقى مفردًا؛ بل أنه يستوعب الآخر – التربة – في ذاته، ويصبح إنسانًا في “تربة” أمه، ومن ثمّ، عبر اندماجه بتربة البشرية برمتها، يعود إلى الله بشكل جديد… يستطيع البشر أن يضحوا تربة خصبة لكلمة الله. يمكنهم أن يصبحوا هذه التربة عبر تأمين العناصر العضوية – إذا جاز التعبير – التي تسمح للحياة أن تنمو وأن تنضج؛ عبر حصولهم على الحياة من هذه المواد العضوية عينها؛ عبر تحولهم إلى كلمة مكونة بفضل نفوذ “الكلمة” إليهم؛ عبر مد جذور حياتهم في الصلاة وبالتالي في الله… أن يكون المرء تربة المسيح يعني أن على التربة أن تترك للبذر أن يستوعبها… أمومة مريم تعني أنها تضع طوعًا موادها، جسدًا وروحًا، في لب البذر لكي تنمو الحياة الجديدة.