روما، الجمعة 7 نوفمبر 2008 (Zenit.org). – ننشر في ما يلي البيان الأخير الذي صدر عن حلقة الدراسة الأولى التي عقدها المنتدى الكاثوليكي الإسلامي من الرابع ولغاية السادس من نوفمبر الجاري في روما، والتي تتوجت يوم الخميس بمقابلة مع البابا بندكتس السادس عشر.
تشكل المنتدى الكاثوليكي الإسلامي من قبل المجلس الحبري للحوار بين الأديان ووفد ضم 138 مسلماً وقعوا على الرسالة المفتوحة المسماة “كلمة سواء”، على ضوء الوثيقة عينها وإجابة قداسة البابا بندكتس السادس عشر عبر أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان، الكاردينال ترشيزيو برتوني. وقد عُقدت أولى حلقاته في روما من 4 ولغاية 6 نوفمبر 2008. شارك في اللقاء أربعة وعشرون شخصاً وخمسة مرشدين من كل ديانة. وتناولت الحلقة موضوع “محبة الله، محبة القريب”.
تركزت المناقشة التي أُجريت في جو من المحبة والتعايش، على موضوعين هامين وهما “الأسس اللاهوتية والروحية”، و”كرامة الإنسان والاحترام المتبادل”. خلال هذه المناقشة، ظهرت نقاط تشابه واختلاف تعكس الروح المميزة الخاصة بكل من الديانتين.
1. بالنسبة إلى المسيحيين، يكمن مصدر ومثال محبة الله والقريب في محبة المسيح لأبيه، للبشرية، ولكل شخص. “الله محبة” (1 يو 4 – 16)، و”هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية” (يو 3، 16). إن محبة الله توضع في قلب الإنسان من خلال الروح القدس.
الله هو الذي يحبنا أولاً ويجعلنا قادرين على مبادلته المحبة. إن المحبة لا تؤذي القريب بل تسعى إلى العمل للآخر بما يريده الإنسان لنفسه” (1 كور 13: 4 – 7). المحبة هي أساس وخلاصة جميع الوصايا (غل 5، 14). لا يمكن فصل محبة القريب عن محبة الله، لأنها تعبير عن محبتنا لله. هذه هي الوصية الجديدة “أن يحب بعضكم بعضاً كما أنا أحببتكم” (يو 15، 12) التي تتأسس في محبة المسيح الذي بذل نفسه لأجلنا. إن المحبة المسيحية تسامح ولا تستثني أحداً، وهي تشمل أيضاً محبة الأعداء. يجب ألا تكون فقط بالأقوال بل بالأعمال (1 يو 4، 18). هذه هي علامة صدقها.
أما بالنسبة إلى المسلمين، وكما هو محدد في “كلمة سواء”، فإن المحبة هي قوة فائقة سرمدية ترشد وتحول احترام الإنسان المتبادل. هذه المحبة، وكما يشير النبي الحبيب محمد، تسبق محبة البشر لله الواحد الحق. ويشير حديث نبوي إلى أن محبة الله الرؤوفة للبشرية هي أعظم من محبة الأم لابنها (مسلم، باب التوبة: 21)؛ لذلك، فهي موجودة بشكل مستقل قبل استجابة الإنسان للأوحد “المحب”. هذه المحبة الرؤوفة هي عظيمة جداً لدرجة أن الله قد تدخل لإرشاد وخلاص البشرية بشكل كامل عدة مرات في العديد من الأماكن، بإرسال أنبياء وكتب مقدسة. أما آخر هذه الكتب وهو القرآن، فإنه يصور عالماً من الرموز، كوناً رائعاً من الفن الإلهي يستجمع محبتنا وإخلاصنا لكي يحظى المؤمنون بأقصى محبة الله (2، 165)، ويحل الرحوم المحبة عليهم هم الذين يؤمنون ويقومون بالأعمال الصالحة (19: 96). وفي حديث نبوي، نقرأ أن ما من أحد مؤمن بينكم حتى يحب لقريبه ما يحب لنفسه (بخاري، باب الإيمان: 13).
2- إن الحياة البشرية هي هبة ثمينة منحها الله لكل إنسان. لذلك، يجب الحفاظ عليها واحترامها في جميع مراحلها.
3- إن كرامة الإنسان تنشأ عن فعل أن كل شخص بشري خلقه الله المحب من المحبة، ومنحه مواهب العقل والإرادة الحرة، التي تجعله قادراً على محبة الله والآخرين. وعلى أساس هذه المبادئ، يحتاج المرء إلى احترام كرامته الأصلية أو دعوته البشرية. لذلك، يحق له أن يعرف بالكامل هويته وحرياته من قبل أفراد، وجماعات، وحكومات يدعمها القانون المدني الذي يضمن المساواة في الحقوق والمواطنية التامة.
4- نؤكد على وجود جانبين عظيمين في خلق الله للبشرية، إذ خلق الإنسان رجلاً وامرأة؛ ونلتزم معاً بضمان حصول الرجل والمرأة على قاعدة المساواة على الكرامة والاحترام.
5- تقتضي محبة القريب الحقيقية احترام الشخص وخياراته في مسائل العقل والدين. وتتضمن حق الأفراد والجماعات في ممارسة شعائرهم الدينية سراً وعلانية.
6- للأقليات الدينية الحق في أن يتم احترامها بقناعاتها وشعائرها الدينية الخاصة بها. كما لها الحق في أماكن العبادة الخاصة بها. ويجب ألا تتعرض صورها ورموزها الأساسية التي تعتبرها مقدسة إلى أي شكل من أشكال التهكم والسخرية.
7- يجب علينا ككاثوليك ومسلمين مؤمنين أن ندرك الدعوة والحاجة إلى الشهادة لبعد الحياة السامي، من خلال روحانية تغذيها الصلاة في عالم يتحول أكثر فأكثر نحو العلمانية والمادية.
8- نؤكد على وجوب عدم إقصاء أي ديانة وأتباعها من المجتمع، إذ يجب أن تكون كل منها قادرة على المساهمة الأساسية في مصلحة المجتمع، وبخاصة في خدمة الأكثر فقراً.
9- نقر بأن خلق الله في تنوع ثقافاته وحضاراته ولغاته وشعوبه يشكل مصدر ثروة، لذلك يجب ألا يصبح أبداً سبب توتر وصراع.
10- نحن على اقتناع بأنه يجب على الكاثوليك والمسلمين تأمين تربية سليمة على القيم الإنسانية والمدنية والدينية والأخلاقية لإخوتهم، وتعزيز معلومات دقيقة عن ديانة الآخر.
11- نعترف بأن الكاثوليك والمسلمين مدعوون إلى أن يكونوا أدوات محبة وتناغم بين المؤمنين، ومن أجل البشرية جمعاء، بنبذ القمع، والعنف والإرهاب المرتكب باسم الدين، ودعم مبدأ العدالة للجميع.
12- ندعو المؤمنين إلى العمل من أجل نظام مالي أخلاقي تراعي فيه الآليات التنظيمية وضع الفقراء والمح
رومين كأفراد وكأمم مستدينة. وندعو أثرياء العالم إلى مراعاة المحنة التي يشهدها المعانون بشكل خطير من أزمة إنتاج الأغذية الحالية وتوزيعها، وندعو المؤمنين من جميع الطوائف، وأصحاب النوايا الحسنة إلى العمل معاً على تخفيف معاناة الجوع، وإزالة مسبباته.
13- إن الشبيبة هم مستقبل الجماعات الدينية والمجتمعات ككل. سوف يعيشون أكثر فأكثر في مجتمعات متعددة الثقافات والأديان. لذا، من الضروري إعدادهم في تقاليدهم الدينية الخاصة بهم، ومدهم بالمعلومات الكافية عن الثقافات والديانات الأخرى.
14- اتفقنا على اكتشاف إمكانية تشكيل لجنة كاثوليكية مسلمة دائمة تعنى بتنسيق الردود على الصراعات وحالات الطوارئ الأخرى.
15- نتطلع إلى عقد حلقة ثانية من المنتدى الكاثوليكي الإسلامي بعد حوالي السنتين في بلد ذات أكثرية مسلمة يُحدد في وقت لاحق.
وقد شعر جميع المشتركين بالشكر لله على منحهم الوقت معاً للتبادل المغني. وفي ختام الحلقة، استقبلهم قداسة البابا بندكتس السادس عشر، وتحدث إليهم بعد كلمتين للأستاذ الدكتور سيد حسين نصر، وكبير المفتين الدكتور مصطفى سيريتش. وأعرب جميع الحاضرين عن ارتياحهم لنتائج الحلقة وأملهم بحوار مثمر آخر.
*****
نقلته إلى العربية غرة معيط – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)