الفاتيكان، 1 يناير 2009 (Zenit.org). – توقف الأب الأقدس بندكتس السادس عشر في عظة اليوم بمناسبة عيد أم الله مريم الكلية القداسة، واليوم العالمي للسلام على موضوع رسالة اليوم العالمي للسلام 2009 “محاربة الفقر، بناء السلام”، وأشار إلى أن هناك شكلان من أشكال الفقر. الأول اختياري، وهو الذي اعتنقه المسيح في تجسده، والذي يتبعه فيه القديسون أمثال القديس فرنسيس الأسيزي، والثاني هو فقر جائر يعاني من الأفراد والجماعات وهو فقر ينبغي محاربته.
وفي هذا الإطار تحدث البابا عن العنف والكره وعدم الثقة كشكل من أشكال هذا الفقر الذي يجب محاربته، مشيرًا بشكل خاص إلى حالة الاقتتال اللاإنسانية التي تشهدها الأراضي المقدسة، وبشكل خاص قطاع غزة.
ورفع البابا الصلاة إلى العذراء مريم أم الله قائلاً: “نوكل إليها التوق العميق للعيش بسلام الذي يرتفع من قلب القسم الأكبر من الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، والذين يتعرضان مرة أخرى للعنف الطاحن الذي اندلع في قطاع غزة جوابًا على عنف آخر. حتى العنف، والكره وعدم الثقة هي أشكال من الفقر – ولعلها أرهب أنواعها – ويجب محاربتها. صلاتنا ألا تكون لها الكلمة الأخيرة!”.
نداء بطاركة ورؤساء الكنائس المسيحية في القدس
ثم ذكر البابا بالنداء الذي وجهه رعاة كنائس الأراضي المقدسة “في هذه الأيام الحزينة” وقال: “معهم ومع مؤمنيهم الأعزاء، وخصوصًا في رعية غزة الصغيرة والمتقدة، نضع عند أقدام مريم قلقنا من الحاضر وخوفنا من المستقبل، وأيضًا الرجاء الراسخ أنه بفضل إسهام الجميع الحكيم والبعيد النظر، لن يكون الإصغاء المتبادل مستحيلاً وتقديم أجوبة ملموسة للتطلعات الرامية إلى العيش بسلام، بأمان وبكرامة”.
هذا وعبر رعاة الكنائس المسيحية عن “حزنهم الشديد لتجديد دائرة العنف المتبادل بين الإسرائيليين والفلسطينيين” واستمرار غياب السلام في الأراضي المقدسة، كما واستنكروا الأعمال الحربية الجارية حاليا في قطاع غزة و “جميع أشكال العنف والقتل الصادر عن أي طرف كان، لأننا نعتقد أن استمرار الدماء والعنف لا يولدان السلام والعدل إنما يولدان المزيد من الكراهية والأحقاد والصدام المستمر بين الشعبين”.
وطالبوا جميع المسؤولين في طرفي النزاع “العودة إلى التحكم للعقل والابتعاد عن إتباع وسائل العنف التي لا تجلب سوى الدمار والويلات والمآسي والعمل على حل الخلافات من خلال الوسائل السلمية واللاعنفية”.
كما وطالبوا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته وحثوه على “التدخل الفوري والفعلي لوقف سفك الدماء وإنهاء كل أشكال المواجهة والعمل بجد وصرامة على وضع حد لمسببات الصراع والمواجهة بين الشعبين من خلال حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني حلا عادلا وشاملا حسب قرارات الشرعية الدولية”.
وتوجهوا إلى الفصائل الفلسطينية بالقول: “كفاكم انقساما وتشرذما” وطالبوا جميع هذه الفصائل “أن تضع مصالح الشعب الفلسطيني فوق مصالحها الشخصية والفئوية وان تتجه نحو المصالحة الوطنية الشاملة واستخدام جميع الوسائل واللاعنفية من أجل تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة”.
نداء البابا السابق
وكان الأب الأقدس قد وجه نداءً سابقًا بعيد صلاة التبشير الملائكي نهار الأحد 28 ديسمبر 2008 حيث قال: “أدعو الى وضع حدّ للعنف الذي ينبغي إدانته بكل مظاهره، كما وأدعو أيضاً الى إعادة الهدنة في قطاع غزة”.
وأمام دوامة العنف الطائشة التي يغرق فيها الشرق الاوسط من جديد بعد الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة، دعا البابا الى “لفتة إنسانية وحكمة من جانب كل من يتحملون مسؤولية في الوضع الحالي.”
وتابع الأب الأقدس: “أود أن أعبر عن ألمي العميق لسقوط القتلى والجرحى والأضرار المادية، ولآلام ودموع السكان ضحايا تواصل الهجمات والثأر”.
درب السلام: الاستنارة بوجه الله
وكان الباب قد ذكر بعظة اليوم أنه “لا بد للبشر وللشعوب أن يستنيروا من “وجه” الله وأن يتباركوا بـ “اسمه” إذا ما أرادوا أن يسيروا في سبل السلام”.
وأشار إلى أن “تاريخ يسوع الأرضي، الذي بلغ ملأه في السر الفصحي، هو بدء عالم جديد، لأنه افتتح حقًا بشرية جديدة، قادرة، بفضل المسيح، أن تقوم بـ “ثورة” سلمية. ثورة روحية لا إيديولوجية، حقيقية لا يوطوبية، وبالتالي تحتاج إلى صبر لا محدود، وإلى أوقات ربما تكون طويلة جدًا، تتحاشى أية طريق مختصرة وتسير في الطريق الأصعب: طريق نضج الضمائر ومسؤوليتها”.