إخوتي أصحاب السيادة المطارنة الأجلاء
رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الأردن
أيها الأبناء والأخوة الأعزاء – القادمين من الأردن وفلسطين والعراق،
أحييكم في هذا النهار السعيد الذي يجمعنا في هذه البقعة المباركة ، على ضفاف نهر الأردن الذي جاء إليه يسوع، الرب والمعلم ، ليعتمد على يد يوحنا المعمدان . “وجرى ذلك في بيت عنيا عبر الأردن، حيث كان يوحنا يعمد” (يوحنا: 1، 28).
أحييكم بكلام القديس بولس، رسول الأمم، الذي قطعنا النصف الأول من السنة المخصصة للتفكير والصلاة معه ،طالبين من الرب أن يبارك النصف المتبقي، ليكون القديس بولس معلما ومرشداً و مثالاً لنا في أقواله وسلوكه. قال الرسول في مستهل رسالته الأولى إلى أهل كورنتس : ” اني اشكر الله في كل حين لأجلكم على نعمة الله المعطاة لكم في يسوع المسيح، لأنكم به قد اغتنيتم في كل شيء، في كل كلامٍ وكلّ معرفة، على قدر ما توثقت فيكم شهادة المسيح، حتى إنكم لا يعوزكم بعدُ شيءٌ من المواهب في انتظاركم تجلّي ربنا يسوع المسيح، فإنه هو نفسه، سيثبتكم إلى النهاية، لتكونوا على غير لوم في يوم ربنا يسوع المسيح. ان الله الذي به دعيتم إلى شركة ابنه يسوع المسيح ربنا، هو أمين”. ( 1 كور:4-9)
أيها الأعزاء،
المعمودية تدخلنا في سر الله، وتجعل منّا أبناء حقيقيين لله. السيد المسيح في اعتماده في هذا المكان، قد قدس المياه ، وأدخلنا في الشركة الروحية معه ، لنصبح شهودا له في كل مكان وزمان، شهوداً في أقوالنا وأفعالنا وسلوكنا ولذلك سنجدد بعد قليل مواعيد معموديتنا ، لنسير على خُطى ومثال الرب ” الذي مضى من مكان إلى آخر يعمل الخير ويبرئ جميع الذين استولى عليهم إبليس، لأن الله كان معه” (رسل10؛ 38).
في هذا المكان، قبل ثمان سنوات، وقف خادم الله البابا يوحنا بولس الثاني ، وصلى معنا، ومن أجلنا، إذ قال : “سيبقى الأردن، بمسيحييه ومسلميه، في قلب صلاتي اليومية، وأصلي بنوع خاص أجل المرضى والمسنين”. وما زالت أصداء هذه الزيارة وهذه الكلمات، تتردد في ضمائرنا، تدعونا أيضا بدورنا، لأن نصلي من أجل وطننا الحبيب، الأردن، من أجل قيادته، وشعبه، من مسلمين ومسيحيين، وبخاصة من أجل المرضى والمسنين. نصلي من اجل السلام في غزة ومن اجل المشردين والجرحى والمتألمين؛ ونصلي من اجل أبنائنا في فلسطين والعراق الشقيق. كما نصلي من أجل كل الشباب والصبايا ومن أجل كل من لم يستطع الصلاة معنا اليوم .
كما تعلمون، أيها الإخوة الأعزاء، قد أعرب قداسة البابا بندكتس السادس عشر، عن رغبته بزيارة الأماكن المقدسة ، انطلاقا من الأردن كما فعل من قبله الباباوات السابقون. فقداسته يأتي ” للحج والصلاة لنا ومعنا والاطلاع على الأوضاع الصعبة في منطقتنا. نرفع إلى الله صلاتنا كي تكون زيارة قداسته لبلادنا بركة لنا جميعاً وسبباً لمزيد من التفاهم بين الشعوب ورفع الحواجز وحل المشاكل، وإزالة المعاناة، وتوطيد العلاقات، فتنعم كل شعوب المنطقة بالأمن والسلام”. ( من رسالة الميلاد 2008) .
أيها الأحباء، وفيما نحتفل اليوم في هذا المكان المقدس، بمعمودية الرب، فان أنظارنا تتوجه إلى الكنيسة الجديدة ، كنيسة المعمودية ، التي شرع ببنائها قبل أشهر. وقد أردناها كنيسة عظيمة تليق بالحدث وصاحبه وقدسية المكان وهيبته. وقد حظي هذا المشروع الروحي والوطني ، بدعم وتشجيع من صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ، وهيئة موقع المغطس ، وبهمة الرجال المؤمنين الأكفاء أبناء البلد الذين لم يبخلوا بعلمهم ودعمهم للمساعدة في بناء الكنيسة. وسوف نرسل إليكم ، أيها المؤمنون الأحباء، بعد أيام، رسالة خاصة حول هذه الكنيسة ، نطلب منكم الصلاة كي يكتمل مشروع بنائها، ونحثكم على الأشتراك في بنائها وسد نفقاتها. فالكنيسة هي أنتم، وأنتم “حجارتها الحية”. ولن يكتمل المشروع إلا بصلاتكم وهمتكم ودعمكم وسخائكم.
في هذه السنة أيضا أيها الأحباء ، نكمل معكم سنة العائلة المسيحية ، بحسب توجيهات الهيئة الراعوية الكاثوليكية ، وهي السنة الثانية لهذا الموضوع الحيوي والهام في كنائسنا ومجتمعنا. إذ إن العائلة المسيحية الصالحة ، هي نواة خير وشركة ومحبة في المجتمع. وان السيد المسيح قد قدس الزواج وبارك العائلات والأطفال ، وهو يريد أن تكون العائلة اليوم ، سائرة بمقتضى وصاياه ، وحافظة بلا ملامة الوسم الذي وسمه المسيح في كل معمد . لقد وضعت الهيئة الراعوية كتيبا خاصا لصلاة العائلة في هذه السنة ، وكلنا أمل بأن يكون هذا الكتاب رفيقا لعائلاتنا، يرفدها بما تحتاجه من كلام مقدس، يشجعها ويجعل منها شاهدة على محبة الله لنا وعلى محبتنا بعضنا لبعض. وإننا لنهيب مجددا بإخوتي الكهنة الأعزاء، بأن يولوا موضوع العائلة جل اهتمامهم وسهرهم وعملهم الرعوي. ولهم منّا كل تقدير وشكر.
شكرا لكم على التفافكم اليوم على ضفاف النهر المقدس رغم الظروف الصعبة. معيدين لهذا المكان تقاليده التاريخية العريقة. وشكرنا الصادق إلى هيئة موقع المغطس، برئاسة سمو الأمير غازي بن محمد الصديق والغيور على هذا المشروع ، ومدير الموقع والقوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية ، وفرق الكشاف والترتيل، التي تعاضدت جهودها في هذا الاحتفال الديني، الذي أصبح جزءا من برنامجنا وتقليدنا الجميل في هذا الوطن العزيز .
حفظكم الرب سالمين غانمين في هذا العام الجديد، حفظ الأردن بقيادته و
شعبه ، حفظ كنيستنا ورعاتنا ومؤمنينا.
نطلب إلى الله أن يمنحنا عاماً جديداً، ويرجع إلينا السلام والعدل والوحدة في ديارنا المقدسة في فلسطين، بشفاعة القديس يوحنا المعمدان والعذراء مريم سيدة فلسطين. آمين
† البطريرك فؤاد الطوال
بطريرك القدس للاتين