بقلم روبير شعيب
الفاتيكان، الأربعاء 21 يناير 2008 (Zenit.org). – تحدث البابا ندكتس السادس عشر في تعليم الأربعاء اليوم عن أسبوع الصلاة لأجل وحدة المسيحيين واصفًا إياه بـ “المبادرة الروحية البالغة الأهمية”، التي تشكل “تناغمًا وتجاوبًا مع الدعاء الحار الذي رفعه يسوع إلى الآب في العلية، قبيل آلامه: “ليكونوا واحدًا، حتى يؤمن العالم أنك أرسلتني””.
وشرح البابا منطلقًا من هذه الآية، ومن الآيات الأربعة الأخرى في صلاة يسوع الكهنوتية مثال الوحدة الذي يقصده يسوع فقال: “نحن بصدد وحدة يمكنها أن تنمي فقط على مثال هبة الذات بين الابن والآب، أي بالخروج من الذات والاتحاد بالمسيح”.
أما هدف هذه الوحدة بحسب فكر يسوع فهو “لكي يؤمن العالم”. وبالتالي، تابع الأب الأقدس: “هذه هي مسؤوليتنا: أن تكون هبة الوحدة مرئية في العالم بطريقة يضحي بفضلها إيماننا قابلاً للتصديق”.
وأشار إلى أهمية الصلاة بالقول: “إذ نعرف بأن الوحدة هي قبل كل شيء “هبة” من الرب، يجب في الوقت عينه، أن نطلبها بصلاة واثقة لا تكل. فقط عبر خروجنا من ذواتنا، والذهاب نحو المسيح، فقط في العلاقة معه، يمكننا أن نتوصل إلى وحدة حقة في ما بيننا”.
“فتصيران واحدة في يدك”. السبيل إلى الوحدة:
العمل لأجل الوحدة
ثم تطرق البابا إلى موضوع “أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين” في هذه السنة المستمد من كتاب النبي حزقيال: “فتصيران واحدة في يدك” (37، 17) والذي اختارته جماعة مسكونية كورية.
في مقطع كتاب النبي حزقيال، الذي يستخلص الموضوع منه، يأمر الرب النبي أن يأخذ قطعتي خشب، أحداهما رمز ليهوذا ولقبائله، والثانية رمز ليوسف ولكل بيت إسرائيل المتحد به، ويطلب إليه أن “يدنيهما” فتضحيان خشبة واحدة، “شيئًا واحدًا” في يده.
وقال بندكتس السادس عشر: “إن مثل الوحدة شفاف. يقول حزقيال، مستنيرًا من العلاء، إلى “أبناء الشعب” الذين يبغي تفسيرًا، أن الرب يأخذ قطعتي الخشب ويدنيهما بشكل تضحي المملكتان مع قبائلهما المنقسمة “شيئًا واحدًا في يده””.
“يتم اعتبار يد النبي الذي يدني قطعتي الخشب، مثل يد الله بالذات الذي يجمع ويوحد شعبه وأخيرًا البشرية بأسرها. يمكننا أن نطبق كلمات النبي على المسيحيين، بمعنى تحريض على الصلاة، والعمل والقيام بكل ما بوسعهم لتتحقق وحدة تلاميذ المسيح، والعمل سوية لكيما تكون يدنا وسيلة في يد الله التي توحد”.
ثم تابع: “يضحي هذا التحريض مؤثرًا بشكل خاص في كلمات يسوع خلال العشاء الأخير. يود المسيح أن تسير البشرية بأسرها، بصبر وثبات، نحو هدف الوحدة الكاملة، ويرى في هذا كنيسة المسقبل، كنيسة العصور اللاحقة”.
وأيضًا: “يتطلب هذا الالتزام انتماءً متواضعًا وطاعة طوعية لأمر الرب، الذي يبارك هذا الالتزام ويجعله مثمرًا. يؤكد لنا النبي حزقيال أن الرب بالذات، الإله الأحد، هو الذي سيجمعنا “بيده””.
“التجدد الداخلي الأصيل”
ثم تابع البابا موضحًا أنه في القسم الثاني من القراءة البيبلية، يتعمق معنى وشروط الوحدة بين القبائل المختلفة في مملكة واحدة. في تشتتهم بين الأمم، تعرف الإسرائيليون على عبادات خاطئة، وأنضجوا مفاهيم عيش خاطئة، واعتمدوا عادات غريبة عن الشريعة الإلهية.
وهنا تضحي نظرة حزقيال بليغة بشكل خاص بالنسبة للحركة المسكونية بأسرها، لأنها تسلط الضوء على ضرورة “تجدد داخلي أصيل وضروري في كل عناصر شعب الله، تجدد وحده الرب يستطيع تحقيقه”.
وتابع: “يجب أن نكون منفتحين نحن أيضًا على هذا التجدد، لأننا نحن أيضًا، في تشتتنا بين شعوب العالم، قد تعلمنا تقاليد بعيدة جدًا عن كلمة الله” مستشهدًا بالمجمع الفاتيكاني الثاني الذي يقول صراحة أن “ما من مسكونية حقة دون ارتداد داخلي، لأن الرغبة بالوحدة تولد وتنضج من تجدد الفكر، ومن إماتة الذات، ومن عيش المحبة بالكامل”.
يوبهذا الشكل، تابع البابا: “يضحي أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين، بهذا الشكل، حافزًا للجميع للتوق إلى توبة صادقة وإصغاء طيع لكلمة الله، ولإيمان أعمق”.