ياوندي، الكاميرون، الخميس 19 مارس 2009 (Zenit.org). – ننشر في ما يلي السؤالين الثالث والرابع من المقابلة التي أجريت مع الأب الأقدس بندكتس السادس عشر، خلال الرحلة البابوية الجوية الى مطار ياوندي في الكاميرون يوم الثلاثاء 17 مارس.
سؤال: الأب الأقدس، صباح الخير... المجلس الخاص بسينودس الأساقفة طلب بأن يكون النمو العددي الكبير في الكنيسة في افريقيا نمواً أيضاً على صعيد النوعية. في بعض الأحيان، يُنظَر الى المسؤولين في الكنيسة كمجموعة من الأغنياء والمميزين، ولا تتماشى تصرفاتهم مع بشارة الإنجيل. هل ستدعون كنيسة افريقيا الى فحص ضمير والى تنقية هيكلياتها؟
البابا: لدي نظرة إيجابية عن الكنيسة في أفريقيا: إنها كنيسة قريبة من الفقراء، كنيسة مع المتألمين، مع من يحتاجون المساعدة. وبالتالي يبدو لي بأن الكنيسة هي بالفعل مؤسسة مستمرة وتعمل، في الوقت الذي توقفت فيه مؤسسات أخرى عن العمل. وبفضل أنظمتها التربوية، ومستشفياتها، ومساعداتها: في كل هذه الحالات، هي حاضرة في عالم الفقراء والمتألمين.
طبعاً، الخطيئة الأصلية موجودة أيضاً في الكنيسة؛ لا يوجد مجتمع كامل، وبالتالي هناك أيضاً الخطأة في الكنيسة في افريقيا. وبهذا المعنى هناك دائماً حاجة الى فحص ضمير، والى تطهير داخلي. وهنا أذكر ايضاً بليتورجية الافخارستيا: نبدأ دائماً بتنقية الضمير، وببداية جديدة بحضور الرب.
وأكثر من تطهير للهيكليات – والذي هو أيضاً ضروري بطبيعة الحال – هناك حاجة الى تطهير القلوب، لأن الهيكليات هي انعكاس القلوب، ونحن نقوم بما هو بوسعنا لنعطي دفعاً جديداً للروحانية، لوجود الله في قلوبنا، من جهة لتطهير هيكليات الكنيسة، ومن جهة أخرى للمساعدة في تطهير هيكليات المجتمع.
سؤال: الأب الأقدس، عندما تتوجهون الى أوروبا، تتحدثون غالباً عن أفق يبدو وكأنه يفرغ من الله. في افريقيا، الأمر مختلف، ولكن هناك وجود قوي للبدع، وللديانات الافريقية التقليدية. ما هي خصوصيات رسالة الكنيسة الكاثوليكية التي تريدون إيصالها في هذا الإطار؟
البابا: قبل كل شيء، نعلم جميعاً بأن افريقيا لا تواجه مشكلة الإلحاد، لأن واقع الله حاضر وواقعي في قلوب الافريقيين لدرجة أن عدم الإيمان بالله، العيش بدون الله، لا يشكل أي تهديد. ولكن صحيح بأن هناك أيضاً مشاكل البدع: نحن لا نبشر – كما تفعل بعض البدع – بإنجيل الازدهار، بل بالواقعية المسيحية؛ لا نبشر بالعجائب بل برصانة الحياة المسيحية.
ونحن مقتنعون بأن هذه الرصانة، هذه الواقعية التي تبشر بإله صار بشراً، وبالتالي بإله بشري بالعمق، إله يتألم، ومعنا يعطي معنى لألمنا من أجل بشارة ذات أفق أوسع، ومستقبل أكبر. وجميعنا يعلم بأن هذه البدع ليست مستقرة تماما في اتساقها: بشارة الازدهار والشفاءات العجائبية، تبدو جيدة في حينها، ولكن بعد وفترة من الزمن يكتشف المرء بأن الحياة صعبة، وبأن إلهاً بشرياً، إلهاً يتألم معنا، أكثر إقناعاً وحقيقية ويقدم المزيد من المساعدة.
من المهم أيضاً أن لدينا هيكلية الكنيسة الكاثوليكية. نحن لا نبشر جماعة صغيرة، تنعزل وتضيع بعد فترة، بل إننا ندخل شبكة الكاثوليكية الشاملة، وليس فقط عبر الزمن، بل بحضورها كشبكة كبيرة من الصداقة التي توحدنا وتساعدنا على التغلب على الفردية، للتوصل الى الوحدة في الاختلاف، التي هي الوعد الحقيقي.
نقله إلى العربية طوني عساف – وكالة زينيت العالمية (ZENIT.org)