نيوهيفن، كانيتيكت، الخميس 23 أبريل 2009 (Zenit.org) – مؤخراً كثرت الشائعات حول تطويب البابا يوحنا بولس الثاني. وفيما لم يحصل أي تأكيد رسمي على تاريخ محدد لتطويبه، يأمل العديد أن تتحقق في غضون سنة، أو تحديداً في الذكرى الخامسة لوفاته، صرخات “القداسة الآن” التي أطلقت في قداس جنازته.
وفي حين أن لا أحد يمكنه تنبؤ توقيت أي تطويب، يبدو أنه من الآمن القول بأن يوحنا بولس الثاني – الرجل الذي وضعه البابا بندكتس على مسار القداسة السريع والذي صلى هذا الشهر علناً من أجل تطويبه – سيطوب وفي زمن قياسي.
التطويب سيكون عبارة عن تذكير بحقيقة يوحنا بولس، وبشمولية رسالته. إلا أننا لسنا بحاجة إلى انتظار تطويبه لتذكره وتذكر حقيقته.
خلال حياته وبعد مماته، كثيراً ما كان يتم تناول أجزاء صغيرة من رسالته من قبل أشخاص وافقوه الرأي في مسألة معينة، إلا أنه كثيراً ما كان يتم تجاهل شمولية رسالته.
كان سبب ذلك بسيطاً. فالبابا يوحنا بولس الثاني لم يكن “ثابتاً” في إيديولوجية سياسية – فكان الطرفان يجدان في كلامه أموراً تنسجم معهم وأخرى تخالفهم. إلا أنه كان ثابتاً بصورة كاملة في إيمانه، ومهتماً جداً بكرامة البشر – كل البشر.
كان دوره عظيماً في إسقاط الشيوعية الأوروبية، وكان صريحاً في حديثه عن أخطاء الماركسية. في الوقت عينه كان ناقداً جدياً للرأسمالية العالمية الجامحة – بخاصة عندما أصبح العمال ضحاياها أو عندما أدت إلى عيش بلدان كاملة في الفقر.
كان يدافع من غير كلل عن الحياة البشرية – عن غير المولودين وعن الذين أوشكت حياتهم على النهاية.
كما ذكرنا بأن جميع من هم في خضم الحياة – المعوقين فكرياً، المهاجرين أو كبار السن – يتمتعون بالحق في الكرامة حتى ولو أن البعض يتصرف كما لو كان العكس.
لقد أمضى وقتاً طويلاً من حياته كأسير فعلي في بلد محتل إلا أنه جال في العالم للتبشير بالإنجيل.
ككاهن متبتل كتب بطريقة رائعة عن الحياة المكرسة والزواج.
كما ترك لنا إرثاً ثابتاً عن لاهوت الجسد – المعد لتوحيد الشخص جسداً وروحاً.
كان رجلاً صوفياً أرشد الكنيسة إلى مستقبل الألفية الثالثة من خلال الاعتذار عن أخطاء الماضي.
كذلك كان أسقفاً شاباً في المجمع الفاتيكاني الثاني والرجل الذي أعطانا “إعادة قراءة موثوقة” بحيث أوردها خلفه بندكتس السادس عشر في أول عظة بابوية له.
وجه سلسلة من عظات الصوم إلى البابا بولس السادس سنة 1976 – بعنوان رمز التناقض – مقابلاً علاقة الإنسان مع الله في الحياة المعاصرة. وكبابا كان يمثل هذا الرمز.
وما كان ثابتاً في كافة هذه الأمور فهو دفاعه عن كرامة كل إنسان مولود وغير مولود، مهمش أو مكرم.
لطالما كانت رسالته مؤيدة للإنسان والكرامة.
نتيجة لذلك، تطرق إلى مواضيع سياسية من منظور ديني، ولكنه لم يتحدث عن الدين من منظور سياسي. لذلك وجد مؤيدوه من الطرفين أن رسالته تحمل لهم شيئاً مهماً وآخراً مزعجاً.
أمام الانقسامات التي نشهدها اليوم حتى بين الكاثوليك أنفسهم حول المسائل الاجتماعية، لا بد لنا من الاعتراف بأن سبب هذه الاختلافات يعود إلى كوننا لم نفكر جدياً في رسالة يوحنا بولس الثاني، رسالة أن نكون شعوب الحياة وللحياة ونبني ثقافة الحياة وحضارة المحبة.
هذه المفاهيم لم تكن بالنسبة إليه مجرد كلمات وتعابير بلاغية معدة للكسب السياسي؛ وإنما كانت روعة الحقيقة على حد تعبيره.
يجب علينا جميعاً أن نتوقف أكثر لنتذكر عِبر حبريته وكتاباته وقدوته. لا بد لنا من تذكر الرجل نفسه في أقواله وأعماله ليكون لنا قدوة في حياته ومماته.
إن العبرة التي نأخذها من حياة يوحنا بولس الثاني هي أننا لا نستطيع اختيار التأكيد على كرامة إنسانية معينة بل يجب علينا اختيار التأكيد على كرامة إنسانية للجميع.
وبدلاً من أن نجعل من السياسة مرشداً لنا، لا بد لنا من جعل الإيمان والعقل دليلنا.
والسؤال الذي لا بد من طرحه ليس “متى سيطوب يوحنا بولس الثاني؟” وإنما “متى سنحذو حذوه في بناء ثقافة الحياة وحضارة المحبة الحقيقية؟”
***
كارل أندرسون هو الفارس الأسمى بين فرسان كولومبوس وصاحب الكتب الأكثر مبيعاً في نيويورك تايمز. كتابه الأخير صدر هذا الشهر بعنوان “مدعوون إلى المحبة: مقاربة لاهوت الجسد الخاص بيوحنا بولس الثاني”.