بقلم روبير شعيب
الفاتيكان، الجمعة 3 ديسمبر 2010 (ZENIT.org). – ولكن لماذا نجد في الكتاب المقدس طبقات مختلفة من المعاني؟ – يقول أحد الأساقفة: “إن الكتاب المقدس قد كُتب بأربع أيادٍ”. قصد الأسقف أن يقول ما سبق وقاله المجمع الفاتيكاني الثاني في وثيقة “كلمة الله”: فقد شرحت الوثيقة أن أسفار الكتاب المقدس قد “سُطِّرَتْ بإلهام الروح القدس” و “كُتِبَت بإلهامِ الروح القدس“، ولكن هذا الوحي تم من خلال بشر اختارهم الله ولم يقضِ على عقولهم، إحساسهم، نظرتهم، بل بقوته السامية “إختار الله لصياغةِ هذه الكتب المقدَّسة أناساً في كمالِ إمكاناتهم وقواهم ، وإستخدمهم كيما، بدفعٍ منه فيهم وبواسطتهم ، يدوّنوا كمؤلِّفين حقيقيين، كلَّ ما يُريده وما يُريده فقط” (كلمة الله، 11). نسلط الضوء على هذه التعابير: “فيهم وبواسطتهم” و “كمؤلفين حقيقيين”. فمؤلفي الكتاب المقدس (وهم كثيرون) ليسوا مجرد ممثلين أو دمى حركها الروح القدس ليكتب ما يريد، بل هم أشخاص طبيعيين اختارهم الله بحكمته ليعبّر عن الوحي دون أن يكون ذلك مرادفًا لتحطيمه لبشريتهم، وفي هذا تظهر قوة الله الذي يعبّر عن ذاته بالكلية من خلال الحرية البشرية من دون أن يدمر هذه الحرية!!
وعليه، لا بد من عمل تفسيري يمكننا من فهم الكلمة، التي ليست “منزلة” بل “موحاة“، لا تدوس على قدرة الإنسان على التعبير بل تمر من خلالها. بكلمة للكتاب المقدس مؤلف إلهي ومؤلف بشري (مؤلفون بشريون)، وهذا الأمر يتطلب عمل تفسيري يتجاوز الكلمة المتأثرة بالإطار التاريخي والثقافي الذي وُلدت فيه، والذي يُتعبر المعني الحرفي للكلمة، للوصول إلى التعليم الروحي الأزلي والذي يدوم على مدى الأجيال لأن الرب تعالى هو هو الأمس، اليوم وإلى الأبد.
والرب معكم