بقلم روبير شعيب
الفاتيكان، الثلاثاء 7 ديسمبر 2010 (ZENIT.org). – يمكننا أن نشبه كلمة الله بالعليقة الملتهبة. فالعليق هو تلك النبتة التي لا نسعى إلى تربيتها في بيتنا، هي نبتة برية، غالبًا ما نلاقيها أيضًا على جانب الطريق، ولا نعيرها انتباهنا لأنها مليئة بالغبار. ولكن الله اختار هذه النبتة ليظهر لموسى وليقوم بأعمق كشف عن هويته المتسامية “يهوه” أنا هو الذي هو. الله يتواضع ويختار هذه النبتة ومن خلالها يكشف عن ذاته أنه إله إبراهيم، إسحق ويعقوب، إله الأحياء. كذلك يجري مع الكتاب المقدس. هذا الكتاب الذي ليس أجمل كتب البشرية ولا أفضلها صياغة ولا أعمقها تفكيرًا ولا أروعها شعرًا، هو عليقة اختارها الله فملأها بشعاع حضوره. وهذا هو السبب الذي لأجله اخترنا هذا الاسم لهذه السلسلة.
يخبرنا كتاب سفر الخروج في فصله الثالث أن “العليقة تشتعل بالنار وهي لا تحترق”: كلمة الله لا تنضب، لا يُحرقها أن يستهلكها فهمنا. هي مثل معين ماء لا ينضب، كل مرة نرتادها نجد ارتواءً لنفوسنا وارتواؤنا لا يخفف من غزارتها بل نراها بشكل عجيب تتضاعف، وتنمي مع نمونا.
تجربة المؤمن أمام الكتاب المقدس هو أن يقترب مثل موسى من باب الحشرية والفضول: “قال موسى في نفسه: ’أدور وأنظر هذا المنظر العظيم ولماذا لا تحترق العليقة‘” (خر 3، 3). ولكن الرب لا يقبل أن نقترب من كلمته من باب الحشرية. من اقترب لمجرد الفضول وجد حاجزًا يمنعه من إدراك كنه الكلمة.
وكما أمر موسى يأمرنا الرب لدى اقترابنا من كلمته أن نعي أمام من نحن قائمون: “لا تدن إلى ههنا. اخلع نعليك من رجليك، فإن المكان الذي أنت قائم فيه أرض مقدسة” (خر 3، 5)
إخلع نعليك من رجليك: هذا هو الموقف الصحيح للاقتراب من الرب، للاقتراب من كلمته. القلب الأعزل، القلب “الحافي”، القلب الوديع والمتواضع هو المفتاح للاقتراب من كلمة الله والاتحاد بها. اخلع نعليك، أي اخلع كبرياءك، اترك أحكامك المسبقة، لا تقترب كما لو كنت تقترب من أي كتاب فأنت أمام كلمة الله القوية والضعيفة بآن، قوية لأنها وحدها قادرة أن تغير حياتك، ولكنها ضعيفة لأنها لا تريد أن تغتصب حريتك بل تريد أن تقبلها بملء حريتك وقبولك.
فقط بهذا الشكل تضحي العليقة، ويضحي لقاء اعتيادي مثل لقاء إنسان بشتلة، ولقاء مرء بكتاب لقاء بحضور الله، الذي ليس إله أموات بل إله أحياء (راجع مت 22، 32).