لأنه رمى بطاقة عمل
روما، الأربعاء 15 ديسمبر 2010 (Zenit.org) – أوقف مسلم باسم قانون مكافحة التجديف لأنه رمى في سلة المهملات بطاقة عمل تحمل اسم "محمد" واسم عائلته، حسبما توضح "كنائس آسيا"، وكالة إرساليات باريس الأجنبية التي قدمت بعض التفسيرات يوم أمس الثلاثاء.
فيما تستمر الحملة الدولية الهادفة إلى تحرير آسيا بيبي وإبطال قانون مكافحة التجديف، يظهر تزايد ضغوطات الإسلاميين على مؤسسات الدولة الباكستانية. ففي 12 ديسمبر، أعلنت شرطة إقليم السند عن اعتقال جديد يشهد على حجم قدرة ضغط الحركات المتطرفة المسلمة في البلاد.
الاعتقال طال هذه المرة مسلماً ينتمي إلى الإسماعيلية التي هي عبارة عن تيار أقلي في الإسلام الشيعي، تيار يعتبره السنّة هرطوقياً (1). وفي التفاصيل أن الدكتور نوشاد فالياني الذي يعمل طبيباً في حيدر آباد بإقليم السند، اعتقل نهار الجمعة 10 ديسمبر باسم قانون مكافحة التجديف. واتهم برمي بطاقة عمل مندوب الأدوية الذي يدعى محمد فيزان والذي جاء لإبرام صفقة معه في عيادته بتاريخ التاسع من ديسمبر.
ووفقاً لرئيس الشرطة الإقليمية مشتاق شاه، فإن محمد فيزان قدم شكوى متهماً الطبيب الإسماعيلي بالإساءة إلى محمد من خلال رمي بطاقة عمل تحمل اسمه في القمامة. وعلى الرغم من أن "99,9% من أسماء المسلمين تبدأ باسم محمد (...)" وأن الدكتور فالياني اعتذر وأكد أنه "لم يقصد مطلقاً الإساءة إلى النبي محمد برمي "بطاقة محمد فيزان" في القمامة"، إلا أن الزعماء الدينيين مارسوا ضغوطات لتجريمه، حسبما تشدد نشرة Pakistan Christian Post الصادرة في 12 ديسمبر.
هذا الاعتقال الذي تم لأسباب مفاجئة ومقلقة يحصل في وقت تشهد فيه البلاد حملة لم يسبق لها مثيل ضد القانون الذي يعاقب التجديف على القرآن بالسجن، والتجديف على محمد بالموت. وقد تعددت عمليات التوقيف، وازدادت الرقابة، حسبما أكد في مطلع ديسمبر اتهام "مدوِّن" مسلم باكستاني أوقف بتهمة التجديف على محمد بعد أن بلغ عنه موظفو الشرطة المكلفون بمراقبة شبكة الإنترنت.
أما المسيحية آسيا بيبي، المرأة الباكستانية الأولى المحكومة بالموت بتهمة التجديف، فهي ما تزال بانتظار محاكمة الاستئناف في سجن شيخوبورا. ومن المتوقع أن تعقد الجلسة الأولى في أواخر ديسمبر (2). أياً كان حكم الاستئناف، فإن حياتها معرضة للخطر من الآن فصاعداً، نظراً إلى أن يوسف قريشي، إمام أقدم مسجد في بيشاور، وعد خلال صلاة الجمعة 3 ديسمبر بجائزة قدرها 500000 روبية (4300 يورو) لمن يقتل ربة العائلة الشابة في حال برأتها المحكمة. إنها دعوة إلى العنف، نقلتها من بين الصحف الأخرى، Nawa-i-waqt وهي إحدى الصحف الأكثر قراءة في باكستان، وفي مضمونها: "الحكم الصادر بحق آسيا بيبي سيطبق بطريقة أو بأخرى".
وبحسب وكالة فيدس، فإن وزير الأقليات، المسيحي شابهاز بهاتي الذي يوشك منصبه على الزوال، هو أيضاً في مرمى المتطرفين. فقد تلقى الوزير تهديدات منذ أن بدأ يعبر عن دعمه لقضية المسيحية المحكوم عليها. وخلال الأيام الأخيرة، أعلنت المنظمة الإسلامية عسكر طيبة وجماعات طالبانية أخرى "وجوب قتل الوزير لأنه شريك في التجديف".
في العاشر من ديسمبر، وبمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، قامت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان بتقديم عدة عرائض لصالح آسيا بيبي للأمم المتحدة. وأعلن المونسنيور روفن أنطوني، الأسقف الكاثوليكي في إسلام أباد – روالبيندي الذي يدعم إحدى هذه العرائض: "رسالتي هي أن جميع مسيحيي باكستان هم باكستانيون يحبون بلادهم ويخدمونها، ويحق لهم أن يمارسوا عقيدتهم ويعبروا عن معتقداتهم من دون الخوف من التعرض للقتل على أيدي متطرفين أو للإعدام على يد الدولة". كما وجه نظير بهاتي، رئيس اللقاء المسيحي في باكستان، دعوة إلى الأمم المتحدة من أجل إبطال "القانون المتنازع فيه والمستخدم ضد الأقليات الدينية لتسوية منافسات شخصية أو نزاعات بين الجيران".
أما أنصار بورني، المثقف الباكستاني المسلم المشهور في بلاده ووزير حقوق الإنسان السابق، فقد بعث برسالة إلى الرئيس علي زرداري وإلى رئيس الحكومة جيلاني، طالباً تعزيز إجراءات حماية آسيا بيبي، وتخصيص ملاحقات قضائية ضد الذين دعوا إلى قتل المسيحية. وبحسب ما تنقل وكالة فيدس، فإن أنصار بورني يذكر الحكومة بأن 33 متهماً بالتجديف أُعدموا بطريقة غير قضائية، سواء خلال فترة اعتقالهم في السجن أو خلال محاكمتهم (3).
(1) من بين مختلف فئات الشيعية الإسماعيلية الموجودة في باكستان (لا يمثل الشيعة إلا 20% من سكان باكستان التي تبلغ فيها نسبة السنّة 75%)، أُعلن الخوجيون الذين يعتبر آغا خان زعيمهم الروحي، هرطوقيين كالأحمديين الذين يشكلون إحدى الأقليات المسلمة المضطهدة الأخرى.
(2) راجع كنائس آسيا 540، 541
(3) سنة 2009، توفي شاب كاثوليكي اسمه روبرت دانيش في ظروف غامضة في سجن فيصل آباد الذي كان معتقلاً فيه بتهمة التجديف (راجع كنائس آسيا 514). وفي يوليو 2010، قتل أخوان مسيحيان لدى خروجهما من المحكمة التي برأتهما من تهمة التجديف (راجع كنائس آسيا 534).