عظة البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير

Share this Entry

بكركي، الاثنين 20 ديسمبر 2010 (Zenit.org). – ننشر في ما يلي عظة البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير التي تلاها في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي، نهار الأحد 19 ديسمبر 2010.

* * *

ولما كان الملك في قصره، وأراحه الربّ من جميع أعدائه، قال لناتان النبي: “انظر. أنا مقيم في بيت من أرز، وتابوت العهد مقيم في خيمة”. فأجابه ناتان: “اذهب وافعل كلّ ما في بالك لأنّ الربّ معك”.

ولكنّ الربّ قال لناتان في تلك الليلة: “اذهب وقل لعبدي داود: هذا ما يقول الربّ: “أأنت تبني لي بيتا لسكناي؟ (2صموئيل 1:7 -5).

فقل لعبدي داود: “هذا ما يقول الربّ القدير: “أنا أخذتك من الحظيرة، من وراء الغنم، لتكون رئيسًا على شعبي، بني اسرائيل، وكنتُ معك حيثما سرت، وأبدت جميع أعدائك، وسأقيم لك اسمًا عظيمًا كأسماء العظماء في الأرض، وسأجعل مكانًا لشعبي بني اسرائيل، وفيه أغرسه، فيثبت في مكانه فلا يتزعزع من بعد، ولا يعود بنو الشرّ يضطهدونه، كما كانوا من قبل. يوم أقمت قضاء عليه. سأريحك من جميع أعدائك. وأنا الربّ أخبر أني سأقيم لك ذرّية. واذا انتهت أيامك، ورقدت مع آبائك، أقمت خلفًا لك، من نسلك الذي يخرج من صلبك وثبّت ملكه”. ( 8-12)

أنا أكون له أبًا، وهو يكون لي ابنًا، واذا فعل الشرّ أؤدّبه، بعصًا كالتي يستخدمها الناس. وبها يضربون. وأمّا رحمتي فلا أنزعها عنه، كما نزعتها عن شاول الذي أزلته. بل يكون بيتك وملكك ثابتين على الدوام أمام وجهي، وعرشك يكون راسخًا إلى الأبد. فكلّم ناتان داود بجميع هذا الكلام وهذه الرؤيا كلها”. ( 14-17).

وحين كانت أليصابات في شهرها السادس، أرسل الله الملاك جبرائيل إلى بلدة في الجليل، اسمها الناصرة، إلى عذراء اسمها مريم، كانت مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف.

فدخل إليها الملاك وقال لها: “السلام عليك، يا من أنعم الله عليها، الربّ معك”. فاضطربت مريم لكلام الملاك وقالت في نفسها: “ما معنى هذه التحية؟”. فقال لها الملاك: لا تخافي يا مريم، نلتِ حظوة عند الله. قستحبلين وتلدين ابنا تسمّينه يسوع. فيكون عظيمًا وابن العليّ يدعى ويعطيه الرب الإله عرش أبيه داود، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه انقضاء”.

فقالت مريم للملاك: “كيف يكون هذا وأنا لا أعرف رجلاً” فأجابها الملاك: “الروح القدس يحلّ عليك، وقدرة العليّ تظللّك، لذلك فالقدّوس الذي يولد منك يُدعى ابن الله. ها قريبتك اليصابات حبلى بابن في شيخوختها، وهذا هو شهرها السادس. وهي التي دعاها الناس عاقرًا. فما من شيء غير ممكن عند الله”. فقالت مريم: “أنا خادمة الرب: “فليكن لي كما تقول” ومضى من عندها الملاك. (لو 1: 26-38)

ان قراءتنا الأولى ترجع إلى ألف سنة إلى الوراء قبل المسيح، وإلى عهد الملك داود في القدس. وعلينا أن نستذكر أن موسى عندما قاد الشعب خارج مصر، نحو ثلاثمائة سنة قبل الملك داود، أعطى الله الشعب علامة خاصة عن حضوره فيما بينهم. وهذه العلامة كانت تابوت العهد، وكان يشبه بعض الشيء علبة فيها وضعت الوصايا العشر، وهي من ذهب وحولها ملاكان. وكان يحمل العلبة ملاكان. وكان إلى جانب العلبة قضيبان طويلان، وما من أحد كان مسموحًا له أن يمسّ التابوت. وكان هناك ملاكان قد أقاما عرشًا لله، يهوه الذي لا يرى. ولما كان موسى والشعب يتقدّم إلى الصحراء، وربما إلى أرض الميعاد، كان تابوت العهد في خيمة. وكان الشعب المعّين وحده، وربما كبير الكهنة، باستطاعته أن يدخل الخيمة ويقدم الذبيحة إلى الله. وكان تابوت العهد تحت الخيمة طوال عهد الملك داود. ولكن داود بنى له مكانًا جميلاً، وقرّر أنه لا يليق بتابوت العهد الذي هو علامة وجود الله مع شعبه، بأن يبقى في خيمة. لذلك قال الملك للنبي يوناتان أنه يريد أن يبني هيكلاً يكون بيتًا لله. وقال ناتان إنّها فكرة حسنة. ولكن الله قال لا. إنّ داود سفك دماء كثيرة ابان ملكه، لذلك ان ابنه سليمان هو الذي سيبني الهيكل بعد وفاة أبيه داود. ورحّب الله بفكرة داود وباركه. واحدى البركات الخاصة التي قبلها داود من الله هي أنه سيبقى نسله إلى الأبد. وإن واحدًا من نسله سيكون دائمًا ملكًا على شعب الله. وهذا معنى ما قاله الله عندما قال انه سيبني بيتًا لداود. وعندما اجتاح البابليون اليهود، كان ذلك نهاية عهد الملكية. ولكن اليهود لم ينسوا وعد الله الذي قطعه لداود وكانوا ينتظرون دائمًا واحدًا من نسل داود ليعين شعب الله على أعدائه ويعيد الملكية إلى اسرائيل. ولمّا كان الملوك يمسحون بالزيت عندما يتولون السلطة، – بالنسبة الى اليهود ان الكلمة العبريّة ممسوح تعني المسيح وباليونانيّة تعني أيضًا أي المسيح. وفي إنجيل البشارة، ان الملاك جبرائيل أخبر مريم أن ابنها سيكون تتمة الوعد. “ان الله سيعطيه عرش داود أبيه، وسيملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولن يكون لملكه انقضاء”.

إنّ الملاك جبرائيل أعلن عن ميلاد الملك: “ان الله سيعطيه عرش داود أبيه، ولن يكون لملكه انقضاء”. وان القديس لوقا يقول لنا ذلك على طريقته. انّه وطّأ لدخول مريم، ولكن ليس بطريقة مألوفة. إنّها من الجليل، وهي مخطوبة ليوسف. وما من أحد جرؤ على أضافة أي شيء على هذه التوطئة. انها كانت بتولاً. غير أن ما قاله لوقا لنا مهم، وقد أراد أن يقول لنا انها عذراء قبل أن يقول لنا ان اسمها مريم. لماذا؟ لأن مريم حبلت بيسوع بطريقة عجيبة، بقوة الروح القدس. وهذا مشهد عجيب، وبداية لأمر لم يعرفه البشر سابقًا. هذا الملك الذي حُبل به بقوّة الروح القدس، انه المسيح أي الممسوح، وهو ملك الملوك، وملكه لا ينتهي
. لأنّه حبل به من الروح القدس وهو ابن الله.

وهذا هو السرّ الذي أخذه الله من جسدنا الانساني وأصبح مثلنا في كلّ شيء ما عدا الخطيئة. وهذا ما يسمّى التجسّد. والله الذي يقيم مع شعبه كواحد منّا، انه يقيم معنا بعد أن أخذ جسدنا ودمنا. هناك بعض من الناس يقولون ان يسوع هو نبي كبير، ومعلّم كبير، وانسان كبير. ان الإنجيل يقول لنا انه ابن الله.

أمّا كيف نعيش ايماننا، فهذا يتعلّق بايماننا بأن الله أتى الى أرضنا، وهو معنا واذا كنا لا نقضي معه وقتًا قليلاً ونحسن التعرّف إليه، ونتبعه، فان ايماننا يكون باطلاً.

ونريد كفكرة أخيرة أن نرى كيف أن الله احترم مريم لدى البشارة. وهو لم يقل لها انها ستكون أمّا لأحد الناس، بل سألها اذا كانت تقبل وانتظر الجواب منها. وهو يريد أن يحيا في كلّ منّا. وكما فعل الله مع مريم وانتظر الجواب منها، فهو ينتظر الجواب منّا، وهو يريد أن يحيا فينا. وكما فعل الله مع مريم، فهو يريد منا الجواب ليعرف ما اذا كان لدينا موضع ترحيب. وباستطاعتنا أن نقول ما قالته مريم: “أنا خادمة الرب، سأفعل ما تريد أيها الرب الاله.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير