رسالة إلى "…………" المجهول

Share this Entry

” ماذا صنعت؟”

مع اعتذاري بشدة إلى “الجندي المجهول”

بقلم الأب انطونيوس عدلي  اللعازري

صباح الأمس، تابعت مع ملايين المتألمين والموجوعين آثار انفجار وتحطم مصابيح ميلاد “عام جديد”.أصابنا الهلع وتملكنا الفزع من هول ما حدث،تساءلت مثلما فعل اهالى وأقارب وأصدقاء شهداء العام الجديد” غادروه قبل أن يبدأ ” كذلك فعل المصابين ، تساءلت :

·       لماذا تحطم مصباح عاما جديدا تمنيته آتيا لنا بالخير والفرح؟

·       لماذا تغتال نور طريقنا ؟

·       لماذا تصنع الغمة في قلبي؟

·       لماذا تجعل السواد يلف داري؟

·       لماذا تنزع البسمة من على وجوه أطفالنا ؟

·       لماذا تغدر بأحبائي وتدفعهم بعيداً عنى بلا رجعة؟

بعد قليل،خرجت إلى حيث يرقد في سلام “الجندي المجهول” بميدان المنشية ،وقفت أمام قبره، رفعت قبعتي احتراما وتقديرا لشخصه المجهول، أحنيت راسي له عرفاناً لعطائه السخي، لأنه قاتل من اجل قضية نبيلة ومن اجل وطن حبيب له ولنا واستشهد من اجلي أنا “الإنسان” كي أعيش آمنا مطمئنا ومن بعدي اولادى وأولادهم .

عدت إلى كنيستي، فتحت الكتاب المقدس، بدأت اقرأ : ” ماذا صنعت ؟ إن صوت دماء أخيك صارخ إلى من الأرض.” سفر التكوين 4/10

أيها “……” المجهول، لن أسالك: أين أنت؟ لماذا فعلت ؟

بل ادعوك : أرجوك تصفح صفحات جرائد اليوم ،استمع إلى نشرات الأخبار ، وتمعن في الكم الهائل من الصور التي التقطتها كاميرات الهواة والمحترفين.

·       شاهد الجثث المترامية والأشلاء المتناثرة..

·       عاين انهار الدماء على الطرقات وقطرات الدماء التي لطخت الجدران..

·       تأمل الأجساد المجروحة والمحترقة وإطرافها المبتورة..

·       استمع لصوت الصراخ والعويل .

·       أصغ لأنين المرضى المطروحين على الآسرة البيضاء وقد تلطخت بالدماء..

أخيرا، لا تنظر ،فقط، إلى الذين اتشحوا بالسواد، بل أرجوك ادخل إلى أعماقهم واستمع للموسيقى الحزينة وهى تصدح ببطء، كأنها لا تريد أن تخرج، لقد تقطعت أوتار الآلات وامتنع العازفون عن عدم  الأداء واضرب المنشدون عن عدم  الغناء .

أيها “……” المجهول، قم بمشاهدة شريط الفيديو القصير ، للمجتمعين للصلاة بالكنيسة ويبتهلون إلى الله ، متمنين عاما جديدا سعيدا لعالمنا وللإنسان في كل مكان، وإذ بالانفجار الذي نفذته، يهز كل شيء..يحطم كل شيء..يحصد أرواح الأبرياء..يحل الظلام ويرتد نور فجر جديد إلى مخبئه فزعا ومرتعبا، تصمت الأفواه وتضيع الكلمات وتهرب التمنيات بعام جديد وسعيد لكل الناس .. تفر بعيدا مرتعدة ، بعد أن أوشكت أن تهل بوادرها.

أيها “……” المجهول، عليك بمشاهدة شريط الفيديو الذي يتضمن طفلة الأعوام الثلاثة وهي طريحة الفراش ..متألمة مكسورة حزينة بائسة يائسة ، تسال : “فين بابا؟ أجابوها : ذهب يحضر لك عصيراً” ذلك الملاك الطاهر تسألك : فين بابا ؟ لماذا فعلت بنا كل هذا؟

أيها “……” المجهول، لن أقول لك: توقف عن اللهو بسلاح القتل؟ لن أقول لك : لا تركل بقدمك قنبلة أخرى ؟ ولن أقول لك : اردد خنجرك إلى غمده؟

اسمح لي، أن أقول لك:               

*احضر منشفة نظيفة طاهرة لتمسح بها قطرات الدم المتساقطة والمتناثرة.

*ضع مصباحا جديدا بديلا عن المصباح الذي كسرته عند لهوك بتلك القنبلة اللعينة.

*ازرع وردوا بيضاء على جانبي الطريق، فتعكس جمالا على الوجوه وتطهر القلوب السوداء والتي عشش بها الحقد والظلام.

* أملا طريقنا بنباتات خضراء علها تحمل الخير الذي طال انتظاره .

“من له أذنان سامعتان ،فليسمع” آمين

الإسكندرية

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير