بكركي، الجمعة 25 مارس 2011 (Zenit.org). – ننشر في ما يلي كلمة الاباتي سمعان أبو عبدو الرئيس العام للرهبانية المارونية المريمية بمناسبة التهنئة بانتخاب البطريرك الجديد سليل الرهبانية صاحبَ  الغبطةِ مار بشارة بطرس الراعي بطريرك  أنطاكية وسائرِ المشرقِ الكليّ الطوبى باسم إخوته الرهبان، وذلك في بكركي 17 آذار 2011.

* * *

يا أبانا!

كما فعلَ اللهُ باستمرارٍ على مدى تاريخِ شعبِهِ، وضعَكَ اليومَ، يا أبانا، في المكانِ الأوّلِ. هكذا فعلَ معَ يوسفَ الصدّيقِ وموسى النبيِّ وداودَ المختارِ وغيرِهم من الآباءِ القدّيسين.

إنّه يغمُرُ الأصغرَ كي يَظهَرَ جَليًّا كُلَّ الجلاءِ أنَّ كلَّ شيءٍ منه نعمةً خالصة. فهو يختارُ دائمًا أحباراً لكي يجعلَ منهم علامةً مجّانيةً لعطيّةِ محبّتِهِ اللامحدودة.

وهذا ما حدثَ لنا ولك اليومَ، يا أبانا! يا عطيّةَ اللهِ المجّانيّةَ لنا. لقد أخذَكَ الربُّ القديرُ من رَهبنةٍ صغيرةٍ وانتزعَكَ من حضنِ مريمَ شَفيعتِها لتكونَ حارسًا لأسوارِ مدينةِ أنطاكيةَ ومنارةً لسائرِ المشرق.

أخذَكَ من بينِ أخوتِكَ الرُّهبانِ المريميين الموارنةِ وأقامَكَ رئيسًا لقطيعِهِ الصغيرِ، لبيتِ مارونَ، في لبنانَ وبلدانِ الإنتشار. فلا يَخَفْ من غَدَرَاتِ الزمانِ ولا مِن مِحَنِ الأيّامِ، لأنَّ راعيَهُ بشارة لا ينعس ولا ينام، وإيمانُه: "أنَّ كلَّ شيءٍ يأتي مِنَ الله" (1كور 11/12).

إختارَكَ مِنْ بينِ إخوتِكَ لتكونَ حَبرًا مختارًا تكهنُ أمامَه، وردّكَ لنا بطريركاً للبنان وبلاد الانتشار يدورُ على أهلِ بيتِه "ليعطيَهُمْ الطعامَ في حينِهِ". وتماماً كما أردت أن يكون شعارُ خدمتك البطرسية "شراكة ومحبّة".

اختارك نبيًّا تشهدُ له على مثالِ مريمَ التي سلّمَتْ ذاتَها لإرادةِ الله وغاصَتْ في الإيمانِ ولم تَهْرُبْ ولم تنظرْ إلى ذاتِها. فكانَ أنَّ الآبَ القدّوسَ زرعَ ابنَهَ يسوعَ في أحشائها بفعلِ الروحِ القدسِ، فتَعَلّمْنا عندَها أنْ نرى ما لا يُرى.

وهكذا أنتَ يا بَطريرْكَنا الجديد، فلا شيءَ يفصِلُكَ عن محبّةِ اللهِ والإيمانِ به والإتّكالِ على كلمتِهِ المزروعةِ فيكَ منذُ صِغَرِك.

اختارك لخدمةِ كنيستِه المشرقيّة، مُضِيفًا على عائلتِكَ الرهبانيّةِ المريميّةِ إسمًا لامعًا في تاريخِها الطويل، في العملِ والرسالةِ والتقديسِ وبُنيانِ الشعبِ على مثالِ آبائنِا العظامِ عبدالله قراعلي وجرمانوس فرحات وتوما اللبّوديّ وجناديوس موراني وخادمِ الله أنطونيوس طربيه وغيرِهِم... وأنتَ جئتَ اليومَ أيضًا لخدمةِ الكرسيِّ البطريركيّ الإنطاكيّ على مثالِ سلفِكَ البطريركِ "الدائم" صاحب الغبطة والنيافة مار نصرالله بطرس صفير الكلي الطوبى وأيضاً البطريرك طوبيّا الخازن (1756-1766) سليل الرهبانية، بالإضافةِ إلى ثلاثة وعشرينَ أسقفًا فرَزَهُمُ الروحُ لخدمةِ بيتِ مارون.

يا أبانا!

اليومَ تَتَهلَّلُ أمُّكَ الرهبانيّةُ باعتلاءِ إبنِها بشارة السُدّةِ البطرسيّةِ الإنطاكيّة، وها نحن إخوانُك وأولادُك نفرحُ لفرحِ عروسةِ الروح، ونعاهدُك، يا خليفةَ بطرسَ الرسولِ وبِنيامينَ مارون، ما فعلَهُ أباؤنا الأقدمون المريميّون، هو أن نضعَ ذواتِنا ومقدّراتِنا في خدمةِ كُرسيكَ الطاهر، في سبيلِ إعلانِ كلمةِ الإنجيلِ وإعلاءِ شأنِ الكنيسةِ وقداسةِ شعبِ اللهِ الذي أُقِمْتَ على رعايتِه، مؤكّدينِ لغبطتِك أنّنا لنْ نعملَ أشياءَ عظيمةً وإنّما سنعملُ تحتَ نظرِكَ الأشياءَ الصغيرةَ والكبيرةَ كلَّها بحبٍّ كما علّمتْنا أمُّنا مريم.

ونقولُ لكَ: يا بطرس! ثَبِّتْ إخوتَكَ في الإيمان ولا تدعِ الشيطانَ يغربلِهُم، بل ازجِرْهُ بعصاكَ وقوةِ صلاتِك. فنحن قومٌ لا نَحِيدُ عن أمانتِنا لأمانةِ مارون، واعلمْ أنَّ "إيمانَنا هو إيمانُ بطرس، وإيمانُ بطرس هو إيمانُنا". هكذا تسلَّمَ آباؤنا وعاشوا، ونحنُ على هذا الإيمانِ ثابتون.

يا أبانا!

عسى الروحُ القدسُ العاصفُ اليومَ في حدثِ انتاخبِكَ بطرسًا جديدًا أن يرافقَكَ ويسهّلَ لكَ فتحَ أبوابِ "الأزمنةِ الجديدة" لفجرٍ جديدٍ لكنيستِنا وبلادِنا ورهبانيّاتِنا ومشرقنِا. واذكرْ يا أبانا أنَّ أمَّنا مريم هي دومًا في انتظارِكَ لتأتي لمعونتِكَ ونصرتِكَ "بيدٍ قديرةٍ". فأنت "كَنْزُها والإبنُ دومًا هو كنْزُ أمِّه".

وكما وهبتْكَ مريمُ إبنَها يسوع، عساكَ أنت أيضًا، لا أنْ تُعطيِهِ لقطيعِكَ وحسب، بلْ أنْ تَهِبَهُ. أنتَ يا من جعلتَ خلاصَ العالمِ مشروعَ حياتِك اقتداءً بالمعلّمِ الإلهيّ يسوع.

أمنيتُنا الدائمة، يا أبانا المريميّ! أنْ تشمُلَنا ببركتِكَ وصلاتِكَ ومحبّتِكَ الأبويّة.

هنيئًا لنا جميعًا!

عُشْتُم!

وعاشَ خليفةُ بطرسَ البطريرك مار بشارة الراعي!

وعاشَتِ الرهبانيّةُ المارونيّةُ المريميّة!

وعاشَ لبنان!

بإسم أبناء الرهبانيّة

الأباتي سمعان أبو عبدو

الرئيس العام للرهبانية المارونية المريم