سر يوحنا بولس الثاني رجل التواصل (2)

مقابلة مع يواكين نافارو-فالز

Share this Entry

الفاتيكان، الأحد 1 مايو 2011 (Zenit.org). – يوحنا بولس الثاني كان شخصية بارعة في فن التواصل. يشرح لنا يواكين نافارو-فالز، الناطق باسمه وباسم الفاتيكان من عام 1984 وحتى بدء حبرية بندكتس السادس عشر، يشرح لنا سره في هذه المقابلة التي يمكن مشاهدتها على موقع www.Aleteiatv.com.

* * *

— الإعلام في الفاتيكان هو أمر دقيق جدًا: هل كان يوحنا بولس الثاني يريد أن يعرف كيف كنتم تنقلون الأحداث والأخبار، أو كان يثق بطريقة عملكم، وبطريقة عمل مساعديه؟

— يواكين نافارو-فالز: أنا أعتقد أنه كان يثق بمعاونيه. ويمكنني أن أقدم مثلاً. بطبيعة الحال، كان البابا قد تلقى خلال سنوات حبريته الكثير من رؤساء الدول، حتى في أوقات صعبة. عندما كان هؤلاء الأشخاص يخرجون من مكتبه، كنت أدخل لدى البابا، فكان يعلمني بكل تفاصيل الحوار. وكان يعرف أنه يجب تقديم معلومات للرأي العام. ولم يقل لي أبدًا: “هذا الأمر أتركه لنفسي”. وبهذا الشكل كان يُخبر بشكل طبيعي المواضيع، وكان يترك لمهنية الأشخاص العاملين معه قرار أن يختاروا ما يجب نقله للرأي العام وكيفية فعل ذلك.

— هل كانت هناك أوقات كان يوحنا بولس الثاني يتفاجئ فيها من تطور التقنية؟

— يواكين نافارو-فالز: سؤالك يذكرني بأمر حدث في ليلة، أعتقد بين عام 1984 و 1985، عندما كان في بدء انتشار الانترنت. أذكر موضوع الحوار. “صاحب القداسة، هل تعي عما يجري الكلام؟”. “الاسم ليس غريبًا عني. هلا شرحت لي”. فشرحت له ببساطة ما كان يمكن فهمه حينها. وفقد فهم فورًا المسألة في خطوطها العريضة، وقال لي: “هل نحن هناك؟”. وبنحن عنى الكرسي الرسولي. فقلت له: “صاحب القداسة، كلا، لسنا هناك بعد”. “علام يعتمد الأمر؟”. “عليك، صاحب القداسة”. “لقد قررت، افعل ذلك”. لقد فهم فورًا أهمية الأمر وقرر فورًا: “افعل ما يجب فعله”. وبدأنا. لم تكن تهمه الأمور التقنية. ما كان يهمه هو النظرة الشاملة للظاهرة. وعندما فهمها بدأ باستعمالها وكان يحث الآخرين على فعله.

— ماذا تغير بعد يوحنا بولس الثاني في التواصل في الفاتيكان وفي الكنيسة الجامعة؟

— يواكين نافارو-فالز: لا يمكن أن نعتبر استراتيجية رابحة موقف “من الأفضل أن يتحدثوا قليلاً عنا، وإذا قالوا أمرًا غير صحيح فلنقم بالتصويب”. هذا الأمر هو فشل منذ البدء. في دينامية وسائل الاتصال لا يمكننا أن نرتكز على ردات الفعل وحسب. أنا أعتبر الاتصالات الاجتماعية كمستوعب فارغ. والمسألة هي: من سيضع في هذا المستوعب مكنون الأفكار أولاً. فالجميع سيتابعون بعد ذلك انطلاقًا من تلك الأفكار. ولذا يجب على من يقدم الأفكار الأولى أن يكون خلاقًا. وهذا الأمر يجب أن يتم بشكل حدسي. يوحنا بولس الثاني فهم هذا الأمر بالكمال. لم يكن ينتظر أو يسير وراء تيار الرأي العام. موضوعه الأساسي كان التقديم المستمر لعالم القيم التي المسيحية والتي كان يشعر بأنه حاملها كبابا. وانطلاقًا من هذا الموقف الإيجابي والخلاق كان كل الرأي العام يجري وراءه. لم يكن الرأي العام يستطيع أن يتجاهل تلك الموضوعات، ولم يكن يريد ذلك.

— هل تعلمت شيئًا كرجل اتصالات من يوحنا بولس الثاني؟

— يواكين نافارو-فالز: كل شيء قابل للتواصل. ويجب نقل الكثير. الأمر الوحيد الذي لا يجب نقله هو الرياء والخداع. لا يمكن نقله ولا حتى لحفظ ماء الوجه. لو تعلم الجميع ذلك، لكان عالم الاتصالات عالمًا إيجابيًا. ولساعد أكثر حياة الأفراد والمجتمعات.

— ماذا تعلمت كمؤمن من يوحنا بولس الثاني، هل هناك حدث خاص يبقى حيًا في ذاكرتك؟

— يواكين نافارو-فالز: أذكر يومًا أني طرحت عليًا سؤالاً غبيًا، ولكن البابا قبل السؤال حتى لو كان غبيًا. كنا نسير عاليًا على جبل، وكنا في زمن الصيف. “صاحب القداسة، لو تم حرق الإنجيل، ولو زالت من الأرض كل آثاره. وكان بإمكانك أن تحفظ فقط جملة من الإنجيل، ما هي الجملة التي تختارها؟”

السؤال كان غبيًا. ولكنه لم يتردد للحظة. قال لي: “العبارة الواردة في إنجيل يوحنا حيث يقول: الحق يحرركم”. وأضاف: “إني أفكر في هذه الآية من نحو 30 أو 40 عامًا، وما زلت أفعله. الحقيقة تحرر الكائن البشري”. هذه الآية تعكس صورة البابا. الرياء لا يحرر الإنسان. كان البابا رجلاً مغرمًا بالحقيقة. ليس فقط بحقيقة الله بل بحقيقة كل الأمور. بحقيقة طبيعة الأشياء. الأشياء البشرية، أمور الكون المادي. ولهذا السبب أجاب على سؤالي الغبي بشكل رائع. الحقيقة تحرركم. أنا أحفظ هذه العبارة.

— يوحنا بولس الثاني، من خلال وسائل الاتصال التي حملت صورته المتألمة والضعيفة إلى بيوت الجميع في الأزمنة الأخيرة من حياته، علم الكثير حول كيفية مواجهة الألم. ما رأيك؟

— يواكين نافارو-فالز: لقد عرف أن يعلم معنى الألم البشري في خضم العصر ما بعد الحديث، في زمننا الذي يشعر بأن الألم، الشيخوخة والضعف الجسدي هو مصدر شك، وذلك لأن زمننا لا يملك جوابًا على هذا السؤال، ولا يعرف كيف يتصرف مع الأمر. والنتيجة هي أنه يسعى على الصعيد الاجتماعي إلى إخفاء مسألة الألم البشري. مع أننا نعرف جيدًا أن الألم، المرض والموت هي خبرات بشرية جامعة. فكل البشر، عاجلاً أم آجلاً يختبرون هذا البعد. ويوحنا بولس الثاني عرف أن يقدم جوابًا رائعًا، وقام بذلك بشكل مدهش، من خلال الوثائق التي كتبها ومن خلال حياته، وبالتالي من خلال بلاغة وصلت إلى العالم بأسره، لكل ثقافات عصرنا.

— ما هي المشاعر التي تعيشها في تفكيرك بتطويب الأول من مايو؟

— يواكين نافارو-فالز: أع
تقد أنها نفس المشاعر التي شعرت بها بعد دقيقة من موته. أي حس كبير من عرفان الجميل لذلك الشخص الذي لم يعد موجودًا في تلك اللحظة، شكر كبير لغنى حياته التي تعتمد من ناحية على نعمة الله، ومن ناحية أخرى عليه. لقد عرف ذلك الرجل أن يحافظ في وجوده البشري على الليونة الداخلية لكي يقول دومًا نعم لله الذي كان يطلب منه أمورًا، كما نعرف جميعنا، كانت غاية في الجدية. أن نعرف أن نقول نعم، هذه هي القداسة في نهاية المطاف.

(نقله إلى العربية روبير شعيب)

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير