للاب هاني باخوم
سكرتير غبطة بطريرك الأقباط الكاثوليك
الاسكندرية، الثلاثاء 17 مايو 2011 (Zenit.org) – في المرة السابقة، ذكرنا ان هناك العديد من الشهادات حول الطريقة التي كان يُحتفل بها الافخارستيا في القرون الاولى في مصر، واولها من اقليمنضوس الإسكندري (153 – 217م).
عاش اقليمنضوس الإسكندري في فترة زمنية صعبة وخاصة في تاريخ الكنيسة: فترة الانتقال من التقليد الشفهي الى التقليد الكتابي. أي في فترة الانتقال من نقل الايمان والتعليم عن طريق الكرازه الحيّة والمسموعة الى تدوينها لتثبيتها ومحاربة الخارجين عن العقيدة السليمة. فكان مجبر على كتابة التقليد وشرحه في نفس الوقت، بجانب المدافعة عنه وتحديد مصدره الرسولي. بالفعل من أبرز كلماته “إن التقليد الذي نكتبه اليكم، ليس مصدراً جديداً أو منفرداً للعقيدة، ولكنه يقود إلى فهم ومعرفة العقيدة. وهو ليس قائماً بذاته ليتساوى مع الأسفار ولكنه يشرحها.” (Stromata VI, 7: Quis dives salvetur? 5).
فماذا يقول اقليمنضوس الإسكندري عن الافخارستيا في القرن الثاني بمصر؟ وكيف يصفها؟
اقليمنضوس الإسكندري في البداية يصف المصلين فيقول:
تقام الإفخارستيا، في معظم الحالات أثناء الليل حفظاً للتقليد الالهي، فهي وليمة، عشاء الرب. وفيها يقف المصلين للصلاة ويتم شكر الله في كل حال ومن أجل كل حال. يتم شكر الله على الحياة وعلى كل ما يدور فيها (وهذه التي أصبحت الان صلاة الشكر في بداية القداس).
وبعد ذلك كل من المتواجدين يعطي أذاناً للإصغاء للإستماع للبر (وهذا ما يطابق الاستماع للقراءات).
ثم يؤكد ويقول: النبي أشعياء كان مجبر ان يتطهر بجمرة النار حتي يستطيع أن ينطق بالرؤيا التي رائها، لذا نحتاج نحن ايضا ان نتطهر وليس فقط اللسان ولكن ايضا الاذان كي نستطيع ان نسمع كلمة الحق، أي الاناجيل. (هذا ما يطابق الصلاة من أجل سماع الانجيل المقدس).
وبعد صلاة التطهر تقراء القراءات الالهية. ويليها التعليم الصحيح الصادق عن هذه القراءات (أي العظة).
عندئذ يجتهد كل مصلي ان لا يكون عنده شيء نجس. فيتقدم بضمير صالح تجاه الله والناس، فيتردد صوت القبلة المقدسة وهم ناظرين للشرق (وهنا نتعرف على صلاة الصلح والقبلة المقدسة الطاهرة).
يغتسل مقدم الذبيحة ويتطهر، كي يقدم الذبيحة. ويتلي صلاة البركة والشكر والتسبيح.
بعد ذلك يتم التقديس كما فعل المسيح. يلي ذلك التقسيم والتوزيع اولا لجسد المسيح، فكان يتسلم كل مؤمن نصيبه في يديه، وبعد ذلك للدم المقدس بواسطة الشمامسة.
لا يستطيع ان ياخذ احد من المؤمنين الا نصيبه هو فقط، فلا يأخذ لغيره.
أثناء التوزيع، أو المناولة، يقوم الشعب بالتسبيح.
واخيرا يرفع المؤمن راسه لفوق، ويبسط يديه نحو السماء ويشترك في ختام الصلاة متلهفاً ان ينطلق بروحه للعالم السماوي، الذي ذاق باكورته الآن. (راجع الإفخارستيا، عشاء الرب، الأب متى المسكين، مطبعة دير القديس أنبا مقار، وادي النطرون).
هذه هي أول شهادة كتابية عن الأفخارستيا في مصر بين عام (190- 200)، يذكرها إقليمنضوس الإسكندري. ما أروع هذه الشهادة الحيّة للقداس الالهي والذي بالفعل يتمم ويحقق ما يعلنه.
بعد اقليمنضوس الأسكندري توجد بعض الشهادات الاخرى التي تتكلم عن الافخارستيا في مصر بين سنة (200 – 250).
للمرة القادمة.