عظة المطران مار طيموتاوس حكمت بيلوني

في رسامته الأسقفيّة في كاتدرائيّة سيّدة الانتقال للسريان الكاثوليك بحلب

Share this Entry

حلب، الاثنين 23 مايو 2011 (zenit.org). – ننشر في ما يلي عظة المطران مار طيموتاوس حكمت بيلوني في رسامته الأسقفيّة مساء الأحد 22 أيّار 2011 في كاتدرائيّة سيّدة الانتقال للسريان الكاثوليك بحلب

“أشكر المسيح يسوع ربّنا، الذي قوّاني،

لأنّه حَسِبَني أميناً فجعلني للخدمة” (1طيموتاوس 1/12).

بهذه الكلمات يعبّر رسول الأُمم، بولس، عن شُكرِه وامتنانِه للربّ، للرسالة التي سلّمه إيّاها.

هكذا أنا اليوم، بكلّ تواضع، أشكر الربّ، لأنّه نظر إليّ مرّة أُخرى، بالرغم من ضعفي البَشَريّ، ليجعلَني أميناً على رسالة جديدة.

أمام هذه الدعوة أجدّد الثقة الكاملة به تعالى، أمامكم جميعاً، وأمام الكنيسة، وأجدّد تسليمي الكلّيّ له، قائلاً مع القدِّيس إغناطيوس دي لويولا: “اقبلْ يا ربّ، وتسلّمْ حرّيّتي كاملةً، ذاكرتي وعقلي وإرادتي كلّها، أنتَ أعطيتني إيّاها، وها أنا أضعُها كاملةً بين يديك، بحَسَبِ مشيئتك. أعطني حبَّكَ ونعمَتَكَ، وهذا يكفيني”.

– صاحب الغبطة أبينا البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان.

– سعادة السفير البابوي المُنسنيور ماريو تزيناري ممثّل قداسة البابا بندكتُس السادس عشر.

– أصحاب السيادة إخوتي رؤساء الأساقفة والأساقفة في السينودُس السريانيّ.

– أصحاب السيادة رؤساء الطوائف الشقيقة في حلب والمحافظات السوريّة.

– حضرة النائب الأسقفيّ لأبرشيّة برسلونة – فنزويلاّ اللاتينيّة ألفريدو هيمينيس

– حضرات الآباء رؤساء الأديار والجمعيّات والكهنة والرهبان والراهبات.

– سعادة سفير جمهوريّة فنزويلاّ لدى الجمهوريّة العربيّة السوريّة.

– أصحاب السعادة قناصل الدول العربيّة والأجنبيّة، وأخصّ بالذِكر سعادة قنصل فنزويلاّ في دمشق.

– السادة ممثّلو الجهات الرسميّة في محافظة حلب.

– السادة ممثّلو الفعّاليّات الروحيّة والاجتماعيّة والثقافيّة والإعلاميّة والخيريّة المختلفة، من جمعيّات ولجان وأخويّات وغيرِها، في سورية وخارجها.

– الأهل والأقارب، الضيوف والأصدقاء الأعزّاء، المؤمنون الأحبّاء..

يا مَن أتيتُم لتشاركوا في هذا اليوم الذي صنعه الربّ، لنفرحَ به جميعاً..

سلام الربّ معكم، وفي قلوبكم.

أقف أمامكم اليوم، وبكلّ بَساطة، متذكّراً كلام الربّ يسوع على يوحنّا المعمدان، حين سأل الناس: “ماذا خرجتم تنظُرون؟.. ماذا خرجتم تَرَون؟ أرَجُلاً في البرّيّة يلبَسُ الثيابَ الناعمةَ الفاخرة؟” (لوقا 7/24-25).

وإذ أسألُكُم، بدَوري: ماذا جئتم تَرَوْنَ وتسمعونَ اليوم؟ وماذا تنتظرونَ من شخصي؟ فإنّي على يقين أنّكم تشاهدون أمام أعينكم كاهناً، دعاه الربّ، رغم محدوديّته البَشَريّة، ليكون أسقفاً في كنيسته. وأنّكم تعرفون تماماً كُنْهَ الرسالة في المغترَب الفنزويلّي وآفاقَ العمل هناك.

إنّني في الحقيقة، لا أطلب مشيئتي، بل مشيئة الذي دعاني. وأطلب إليه تعالى، أن أبقى أداةً طيّعةً بين يديه في بناء ملكوته على الأرض.

إنّها رسالة الخدمة الجديدة، يقوّيني ويعزّيني فيها، ختم الروح القُدُس، لأكون مخلِصاً له ولكنيستي السريانيّة، وطقوسِها النابعة من تراثها الشرقيّ العريق، بالاتّحاد والتعاون مع سائر الكنائس الموجودة في بلاد الاغتراب.

إنّني في هذه اللحظات المهمّة في حياتي أسمع صوتَ المسيح ينادي: “لا تخفْ، أنا معك”! فلماذا أخاف إذا كان الربّ معي؟ ويتابع صوتُه قائلاً: “كلّ ما تسلّمتَه منّي اليوم، أعطِهِ للكلّ، وخاصّةً مَن هم في أمسّ الحاجة.. كُنْ كلاًّ للكلّ“.

إخوتي الأعزّاء

إنّ المشروع الذي بدأته في فنزويلاّ، تلك البقعة من الأرض، التي وضعني فيها الربّ، سأضاعفُه في مهمّتي الجديدة، مبشِّراً بالمسيح، عاملاً، مع إخوتي الكهنة والعلمانيّين من أبناء الرعيّة الحبيبة، على خدمته وكنيسته، بقوّة ودفع رسوليّين، حريصاً على قول بولس الرسول: “الويلُ لي إن لم أبشِّر” (1قورنتس 9/16).

مشروعي هو مشروع حياة: التبشير بالإنجيل وفق ما تُعلّمنا إيّاه أمُّنا الكنيسة. وعلى هذه الخُطا أنا سائر. أرفع، شعاراً اخترتُه، قولَ بولس لتلميذه طيموتاوس: “أُذكِّركَ أن تُحييَ النعمةَ التي تسلّمتَها بوضع يديَّ” (2طيموتاوس 1/6).

وإنّي لَمدركٌ تمام الإدراك صعوبةَ أيّ إنجاز روحيّ في تلك الأصقاع التي تتأثّر اليوم، كغيرها، بتيّارات العولمة والابتعاد عن الدين إلى التطوّر التكنولوجيّ المتسارع الذي يخطف الألباب.. ما يُبعدُ الأجيال عن القِيَم المسيحيّة الحقّة، ويقودُها إلى ما لا تُحمَدُ عقباه. على أنّ الله لم يُعطِنا روح الخوف، بل روح القوّة والمحبّة والاعتدال. وعلينا أن نَتَشارك في احتمال المشقّات من أجل الإنجيل، متقوّين بالله، متمّمين خدمتَنا على أكمل ما تكون، موقنين أنّ مَن عليه اتّكلْنا قادرٌ على أن يحفظَ وديعتَنا بالروح القُدُس، الذي يُقيم فينا إلى ذلك اليوم (2طيموتاوس 1/7-8 و1/12-14 و4/5).

إنّ طرقَ الربّ تعلو على طرقِنا، وأفكارَه ليست كأفكارِنا، كما يقول الربّ على لسان أشعيا النبيّ (أشعيا 55/8-9). فَلْيَتمجّدْ اسمُ الربّ في حياتنا.

– أشكر الحَبْر الأعظم قداسة البابا بندكتُس السادس عشر، لوضعه ثقته في شخصي بتعييني أَكْسَرْخُوساً على الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة في فنزويلاّ.

– تقبّلْ، يا صاحب الغبطة، شُكري وامتناني، ومعكم إخوتي الأساقفة أعضاء السينودُس، للثقة التي أوليتموني إيّاها. معاهداً نفسي أن
أعمل بإرشاداتكم الحكيمة، بحسب إرادة السيّد المسيح وهدي روحه القدُّوس، واضعاً خدمتي بين يدَي العناية الإلهيّة.

– أذكر في صلاتي اليوم، صاحب السيادة المطران مار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب للسريان الكاثوليك، الذي عمل وجاهد من أجل تأسيس الأَكْسَرْخُسيّة في فنزويلاّ، فبنى الحَجَر، وجمع البَشَر، حتّى أضحَوا جماعةً كنسيّةً لافتةً زاهرة.

– ولا أنسى في صلاتي سلفي المطران مار أونيس لويس عوّاد، الذي سيسلّمني مشعل الخدمة، في الخامس من شهر حزيران القادم، بحضور غبطة أبينا البطريرك، سائلاً الله له دوامَ الصحّة والقداسة.

– أذكر في لحظات الفرح هذه مَن يصلّي لي من السماء، وقد ترجّى أن يرى هذا اليوم البهيج من الأرض. وأعني والديّ، رحمهما الله. أنا أذكرهما وأتّحد معهما اليوم أكثر، وأنا أعرف تماماً أنّهما متّحدانِ معي، يتشفّعان ليَ الآن في رسامتي هذه، وعلى الدوام.

– أرفع الصلاة في هذه الرسامة لأجل بلدي سورية، الذي وُلدت فيه وترعرعت تحت أفيائه.. ورأيتُه مهداً للحضارات والأديان والإبداع الإنساني الفذّ. عسى أن تمرّ هذه الغيوم في سمائه بسلام، وتسطع مجدّداً شمس العيش الكريم، المحفوفة بالأخوّة والمودّة، في أجواء الخير والبَرَكات.. بفضل قيادته الحكيمة وعطاءات أبنائه المخلِصين.

بلدي سورية بلد الطِّيبة والألفة.. إنّي أتذكّرُه في كلّ لحظة.. ولن أنساه ما حَيِيت، رغم البعاد والمسافات.

– أرفع الصلاة من أجل مدينتي المحروسة حلب. كان الاختيار أن تكون الرسامة فيها، تعبيراً عن فَخار بها ووفاء لها.. حلب منبت الدعوات ومسيرة طويلة من شهادة إيمانيّة لا مثيلَ لها.. عن المسيحيّة المعطاء، في ربوع عيش مشترَك، وعن حفاوة مُثلى تنبع من القلب لتستقرّ في القلب. أشهد على ذلك بنفسي. ووعداً منّي بأن أنقلَ ما عشته إلى إخوتكم وأبنائكم في فنزويلاّ. إنّ النعمة التي حَباها الله لحلب وجدت التربة الخصبة في العائلات الحلبيّة التقيّة المُحبّة، التي حملت، بدَورها، هذه النعمة إلى أنحاءِ المسكونة كلِّها.

ولَعَلّي ما كنت يوماً، ولن أكون، بعيداً عن هذه الأجواء. فأنا أرى في كلّ حلبيّ أو سوريّ أو لبنانيّ أو عربيّ.. يعيش في مغتربه أخاً آخَر أندفع إلى أن أمدّ له يد التحيّة والعون، كما تربّيت وتعلّمت.

– أرغب في شكر جميع الذين وضعهم الربّ في طريقي ليعرّفوني، بحياتِهِم ومَثَلِهِم، وجهَهُ الكريم. وأذكر هنا، على الخصوص، ابن عمّي المطران مار ربولا أنطوان بيلوني، الذي شجّعني ودفعني في رسالتي، بمَثَلِه ومحبّتِه.

– أشكر جميع الحاضرين ههنا، وخاصّةً الذي لبّوا دعوتي لمشاركتي في فرحة الرسامة، طالباً منكم جميعاً، العون بصلواتكم، لكي أُحييَ النعمة التي تسلّمتُها. كما أشكر جميع الذين تلطّفوا وأرسلوا إليّ أجمل كلمات التهاني، معبّرين عمّا في صدورهم من محبّة لشخصي. وأخصّ سماحة الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسّون، مفتي الجمهوريّة العربيّة السوريّة رئيس مجلس الإفتاء الأعلى لكلمته الغالية اللطيفة.

– أشكر كلّ الذين تعبوا في تحضير هذا الاحتفال، وفي مقدّمتهم كهنة هذه الأبرشيّة العامرة، وخصوصاً حضرة النائب العامّ الخورأسقف إميل أسود والأب بولس قسّ داود، اللذَين حضّرا الليتُرجيّا الاحتفاليّة، والأب عبدو بدوي عميد معهد الفنّ المقدَّس في جامعة الروح القدس – الكسليك. فلهم منّي جميعاً كلُّ احترام وتقدير. وأخصّ بالشكر من عائلتي أولادَ شقيقتي جورجيت زوجة الفاضل جوزيف عدس: الأب الياس عدس ومجدي وسليمان ومنال.

– وأشكر جوقة الترانيم وفوج الكشّافة وشمامسة الخدمة ومَن آزرهم.. وكلّ مَن كانت له مشاركة من قريب أو من بعيد في هذا الاحتفال.

شكراً لكم من أعماقي.

أُنهي كلمتي متوجّهاً بدعائي إلى العذراء مريم، الأُمّ السماويّة، طالباً شفاعتَها القديرة كي تغمُرَني بحنانِها ودفءِ قلبها.

إليها ألتجئ وأضع تحت حِمايتِها حياتي، وأبرشيّتي، والمؤمنين المُوكلين إليّ، كي تساعدَنا في الوصول إلى ميناء الخلاص.

أيّتها العذراء مريم، احفظي جميع الحاضرين، وأبناء هذا البلد، والقائمين عليه، والكنيسة جمعاء. واجعلينا على الدوام، في قلبك، وفي قلب يسوع ابنك. آمين.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير